وان كان هو التعبد بالأخبار فلا بد من النظر ، لأن الأخبار مختلفة : منها ما يشتمل على الترجيح مع اليمين ، ومنها بدونها. فبأيهما استند الحكم ـ أي تقديم بينة الداخل ـ يتبع حكمه من حيث اليمين وعدمها.
( الرابع ) إذا أراد ذو اليد إقامة البينة قبل ادعاء من ينازعه للتسجيل ، ففي القواعد كما عن التحرير الأقرب الجواز. ولعل وجه الجواز النظر الى عمومات الحكم بين الناس السابق إليها الإشارة في أول هذا الباب ، بل يمكن الاستدلال عليه بعمومات القضاء وفصل الخصومة أيضا بناء على كون المقام من الفصل للخصومة التقديرية.
توضيح المقام : ان حكم الحاكم قد يتعلق بالموضوعات على وجه ليس المقصود منه رفع الخصومة وان ترتب عليه ذلك أحيانا ، كالحكم بالهلال والقبلة وطهارة شيء ونجاسته وأمثال ذلك ، وقد يتعلق على وجه يكون المقصود منه رفع الخصومة ، وهذا أيضا على قسمين ، لأن الخصومة اما أن تكون محققة ولو مع عدم حضور أحد الخصمين كالحكم على الغائب ، وقد يكون مقدرة أي شأنية ، والحكم في الأول رفع الخصومة وفي الثاني دفع لها.
لا إشكال في جواز الحكم على الوجه الأول منهما المقصود منه رفع الخصومة الفعلية ، وأما جوازه على الوجه الثاني المقصود منه رفع الخصومة الشأنية فالظاهر أيضا نهوض عمومات الحكم والقضاء بين الناس بإثباته على هذا الوجه. وأما جوازه على الوجه الأول الغير الراجع الى فصل الخصومة لأحد الوجهين المذكورين فهو مبني على تمامية عمومات الحكم بين الناس ، ولأجل ذلك يستشكل فيه.
وما نحن فيه ـ أعني إقامة البينة للتسجيل ـ من القسم الثاني من الوجه