لك إقامة البينة أيضا مثل تلقينه حق الجرح إياه أولا نقول به ، فان قلنا به كان الابتداء بسؤال البينة من المدعي لغوا صرفا وأكلا من القضاء ، إذ لا يستقر القضاء الا بعد النظر في حال المدعى عليه من حيث استطاعته على إقامة البينة على خلاف بينة المدعي وعدمه ، فمقتضى الوضع الطبيعي حينئذ الابتداء بسؤال البينة من المدعى عليه ، لأن الأمر بالأخرة ينتهي إلى سؤالها عنه. وان لم نقل بذلك ساوى بينة المدعي وبينة المدعى عليه حينئذ من حيث الابتداء بالسؤال ، فللحاكم الابتداء بأيهما يريد ، مع أن المعهود الالتزام بسؤال البينة أولا من المدعي ـ فافهم.
( السابع ) إذا أقام البينة على الداخل فادعى الشراء من المدعي أو ثبت الدين فادعى الإبراء ، ففي القواعد ان كانت البينة حاضرة سمعت قبل ازالة اليد وتوفية الدين ، وان كانت غائبة طولبت في الوقت بالتسليم ثمَّ إذا أقام البينة استرد.
وقد يشكل الفرق بين ما ذكره في المسألتين وبين ما إذا ادعى فسق الشهود وكان الخارج غائبا فإنه يمهل ثلاثة أيام كما هو مصرح به في محله.
ثمَّ الفرق بين حضور الشهود وغيابها أيضا لا يخلو عن إشكال ، لان المدعي بعد إثبات دعواه ان كان مستحقا للحكم وجب الحكم ويترتب عليه أثره من التسليم ثمَّ إذا أقام الداخل البينة يسترد ، ففيه جمع بين حق المدعي والداخل ، وان لم يكن مستحقا للحكم باعتبار كون بينة المدعي معلقة على عدم المعارض فلا بد للحاكم من إيقاف الحكم حتى يتفحص عن المعارض لم يستحق الحكم ووجب مطلقا على الحاكم إمهال الداخل إلى إحضار بينته.
وكشف الحال عن هذا المقال : ان القضاء قد يكون تنجيزيا وقد يكون