( وأما المقام الثاني ) فقد يستدل على تقديم الأكثرية على الأعدلية بإطلاق مفهوم قوله عليهالسلام في رواية سماعة « سواء في العدد » ، لأنه بإطلاقه يدل على عدم الإقراع مع عدم المساواة فيه ولو مع كون الأقل أعدل.
وقد يجاب : بأن منطوقه مقيد بمنطوق رواية البصري المصرحة باعتبار التساوي في العدالة زيادة على التساوي في العدد ، وإذا قيد المنطوق كان الجزاء ـ وهو الإقراع ـ متوقفا على أمرين : المساواة في العدد ، والمساواة في العدالة.
ومقتضى مدخليتهما معا في الحكم عدم الإقراع عند انتفاء كل واحد منهما مستقلا ، لان عدم كل واحد من أجزاء العلة وشرائطها علة تامة لعدم المعلول ، وحينئذ قد يقع التعارض بين مفهومي القيدين فيما نحن فيه ، لأن المنتفي ان كان أحد القيدين فلا اشكال ، وكذا ان كان كليهما مع عدم التعارض ، مثل ما إذا كان احدى البينتين أكثر وأعدل فالاكثرية سبب لانتفاء القيد الثاني مع عدم التعارض بينهما.
وأما إذا كانت الأكثرية في إحداهما والأعدلية في الأخرى ، فمقتضى الانتفائين أيضا عدم الإقراع ، لكن لما كان عدم الإقراع لأجل الترجيح لا لأجل التنصيف كما مر فيقع التعارض بينهما. فمقتضى انتفاء القيد الأول ـ أعني التساوي في العدد ـ الحكم لا كثرهما بينة ، ومقتضى انتفاء القيد الثاني الحكم لأعدلهما بينة ، فلا دلالة في إطلاق مفهوم قوله عليهالسلام « سواء في العدد » في رواية سماعة على تقديم الأكثر على الأعدل مع ملاحظة رواية البصري المقيدة لمنطوقها بالمساواة في العدد أيضا ، وانما يدل على تقديم الأكثر مع عدم تقييد المنطوق به.
وفيه : ان حكم ثبوت التقييد بدليل منفصل بعد ما كان ظاهر الجملة الشرطية سببية الشرط للجزاء غير حكم المقيد المذكور في الشرط. وما ذكرت من التحقيق انما يتم في الثاني دون الأول.