يتحقق معنى (الخلافة) ، و (الإمارة) ، و (الوصاية) مع الفصل بين المستخلِف والخليفة ، وبين الموصِى والوصى ، ولو بمدّة وجيزة كما هو واضح.
وكذلك إذا ضممنا إلى هذا الحديث الأحاديث الأخرى التي أكّدت على أنّ الإسلام سيبقى منيعاً ، عزيزاً ، قائماً ، صالحاً ، ماضياً ، مستقيماً ، ظاهراً ، منتصراً مع هؤلاء الخلفاء ، وأنّ هذا البقاء لا يعنى إلّا بقاء معالم الإسلام ، وأصوله واضحة ، ومشخصة ، وراسخة في الواقع طبقاً لقوله تعالى :
|
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) ١. |
وهذا ما لا يمكن تصوره مع وجود فترة زمنية فاصلة بين النبي الخاتَم (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) وبين خلفائه وأوصيائه النائبين عنه.
مضافاً إلى كلّ هذا ، فإنّه سوف يأتى وحسب ما ثبت في مصادر (مدرسة الخلفاء) أنّ أول الخلفاء الإثنى عشر هو الإمام علي بن أبي طالب (عَليهِ السَّلامُ) ، وهو يعزّز المعنى المذكور ، وينسجم معه إنسجاماً تاماً.
وسوف يأتي في ضمن استعراض محاولات علماء مدرسة الخلفاء في تفسير حديث (الخلفاء الإثنى عشر) أنَّ هناك من يقول بعدم ضرورة مجيء هؤلاء الخلفاء بعد رسول الله (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) بشكل مباشر ، وإنّما من الممكن أن يتوزّعوا على المراحل الزمنية المختلفة ، ولا مانع من أن تبدأ خلافتهم بعد مضي فترة من رحيله (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) ، كما أنّه ليس من اللازم أن يقع التعاقب بينهم واحداَ بعد الآخر ، ولذا فنحن نـذكّر القارئ المتتبع بأنّنا سوف نعود إلى هذه النقطة ، ونشير إليها بعد حين بإذن الله تعالى.
______________________
(١) الحجر / ٩.