إنّ الأحاديث المتقدمة نصّت على أنَّ (الخلفاء الإثني عشر) يحفظون بقاء الإسلام والأمر منيعاً ، عزيزاً ، قائماً ، صالحاً ، ماضياً ، مستقيماً ، ظاهراً ، منتصراً ، ولا يمكن لهذه الحقيقة أن تتخطى بطل الإسلام الأول علي بن أبي طالب (عَليهِ السَّلامُ) الذي ما فتيء يدافع عن رسالة الإسلام ، ويذّب عنها ، ويضحي من أجلها بكلّ وجوده.
فهو نجيّ رسول الله (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) ١ ، وموضع سرِّه ، وقد كان له منزلة من رسول الله (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) لم تكن لأحدٍ من الخلائق في هذا الخصوص.
______________________
(١) أنظر : الترمذي ، صحيح الترمذي ، ج : ٥ ، كتاب المناقب ، باب : ٢٠ ، ح : ٣٧٢٦ ، ص : ٥٩٧ ، فقد جاء فيه عن (الزبير بن جابر) أنَّه قال : (دعا رسول الله (صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ) علياً يوم الطائف فانتجاه ، فقال الناس : لقد طال نجواه مع ابن عمّه ، فقال رسول الله (صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ) : ما إنتجيته ، ولكن الله إنتجاه).
ثم قال الترمذي : (ولكنَّ الله إنتجاه ، يقول : الله أمرني أن أنتجي معه).
وانظر الحديث أيضاً في : كتاب (فضائل الخمسة من الصحاح الستة) للفيروزآبادي ، ج : ٢ ، ص : ١٧ ، عن : (المتقي الهندي) في (كنز العمال) ، ج : ٦ ، ص : ١٥٩ ، وكذلك : (الخطيب البغدادي) في تأريخه ، ج : ٧ ، ص : ٤٠٢.
وانظر الرواية في : (أسد الغابة) ، (ابن الأثير الجزري) ، ج : ٤ ، ص : ٢٧.
وقال (الطبري) : انَّه لما نزل قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً) ، (المجادلة / ١٢) قال : (نُهوا عن مناجاة النبي (صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ) حتى يتصدَّقوا ، فلم يناجه أحدٌ إلّا علي بن أبي طالب) ، (مرتضى العسكري ، معالم المدرستين ، ج : ١ ، ص : ٥٢٠ ـ ٥٢١ ، عن تفسير الطبري ، ج : ٢٨ ، ص : ١٤ ـ ١٥ ، وتفسير الدر المنثور للسيوطي ، ج : ٦ ، ص : ١٨٥).
وجاء في (كنز العمال) عن (جندب بن ناجية) أو (ناجية بن جندب) أنَّه قال : (لما كان يوم غزوة الطائف قام النبي (صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ) مع علي ملياً ، ثم مرّ ، فقال له أبو بكر : يا رسول الله ! لقد طالت مناجاتك علياً منذ اليوم ! فقال (صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ) : ما إنتجيته ، ولكنَّ الله إنتجاه) ، (علاء الدين الهندي ، كنز العمال ، ج : ١٣ ، ح : ٣٦٤٣٨ ، ص : ١٣٩).