فمن ذلك مبيته (عَليهِ
السَّلامُ) على فراش النبي الخاتَم (صَلّى
اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ)
ليلة الهجرة ليحميه من الأعداء ، ويذبُّ عنه بمهجته ، ويؤثره بالحياة ، حتى باهى الله تعالى به الملائكة ١. ______________________ (١) فقد جاء في مصادر
مدرسة الخلفاء المختلفة : (أنَّ رسول الله (صَلّى اللهُ عليهِ
وآلِهِ وسَلَّمَ) لما أراد الهجرة خلَّف علي بن أبي طالب (عَليهِ السَّلامُ) بمكة لقضاء ديونه ، وردِّ الودائع التي
كانت عنده ، وأمره ليلة الخروج من الغار ، وقد أحاط المشركون بالدار ، ونام على فراشه ، فقال : يا علي ، اتّشح
ببردي الحضرمي ، ثمَّ نَم على فراشي ، فإنَّه لا يخلص إليك مكروه إن شاء الله. وفعل ذلك علي (عَليهِ السَّلامُ) ،
فأوحى الله عز وجل إلى جبرئل وميكائيل : إنّي آخيت بينكما ، وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر ، وأيّكما يؤثر صاحبه بالحياة ، فاختار كلاهما الحياة ،
فأوحى الله إليهما : ألا كنتما مثل علي بن أبي طالب آخيتُ بينه وبين محمد ، فنام على فراشه يفديه بنفسه ، ويؤثره
بالحياة ، اهبطا إلى الأرض ، فاحفظاه من عدوه ، فكان جبرئل عند رأسه ، وميكائيل عند رجليه ، فقال
جبرئيل : بخٍ بخٍ ، من مثلك يا بن أبي طالب يباهي الله بك الملائكة ، فأنزل الله تعالى على رسوله ، وهو متوجه
إلى المدينة في شأن علي : وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ
ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ)
، (البقرة : ٢٠٧). انظر : (القاضي التستري ، إحقاق الحق ،
ج : ٣ ، ص : ٢٣ ـ ٣٣ ، فقد أشار إلى قول مجموعة كبيرة من علماء مدرسة الخلفاء ومفسريهم بنزول الآية في علي (عَليهِ السَّلامُ) ، منهم أحمد بن
حنبل في مسنده ، ج : ١ ، ص : ٣٣١ ، ط : ١ ، مصر ، والعلّامة (الطبري) في تفسيره ، ج : ٩ ، ص : ١٤٠ ، ط :
الميمنية بمصر ، والحاكم في المستدرك ، ج : ٣ ، ص : ٤ ، ط : حيدر آباد ، دكن ، والذهبي في تلخيص المستدرك ، ج
: ٣ ، ص : ٤ ، ط : حيدر آباد ، دكن ، والعلّامة (الثعلبي) في تفسيره على ما في (تفسير اللوامع) ، ج :
٢ ، ص : ٣٧٦ ، ط : لاهور ، والأصفهاني في كتاب (ما نزل في شأن علي) على ما في (تفسير اللوامع) ، ج : ٢ ، ص :
٣٧٥ ، و (الغزالي) في (الإحياء) ، و (فخر الدين الرازي) في تفسيره ، ج : ٥ ، ص : ٢٢٢ ، ط : البهية بمصر
، و (ابن الأثير) في (أسد الغابة) ، ج : ٤ ، ص : ٢٥ ، ط : جمعية المعارف بمصر.. إلى غير ذلك من المصادر
العامية الكثيرة. وقد نسب (الحاكم النيسابوري) في (المستدرك
على الصحيحين) هذه الأبيات إلى أمير المؤمنين (عَليهِ السَّلامُ) عند مبيته على فراش رسول الله (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) : وفيتُ بنفسي خيرَ
من وطي الحصى
ومن طافَ بالبيتِ
العتيقِ وبالحجر
رسول الله خافَ أن
يمكروا به
فنجّاه ذو الطولِ
الإله من المكر
وباتَ رسولُ اللهِ
في الغارِ آمناً
موقى وفي حفظِ
الإلهِ وفي ستر
(الحاكم
النيسابوري ، المستدرك على الصحيحين ، ج : ٣ ، ص : ٤).