ومنها أنه (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) أسند إليه (عَليهِ السَّلامُ) تبليغ سورة براءة ١ ... وغير ذلك من المهام الكبرى التي رقى إليها بطل الإسلام علي بن أبي طالب (عَليهِ السَّلامُ).
إنَّ كل هذا يشير بمجموعه إلى عين الحقيقة التي وردت في حديث (الخلفاء الإثنى عشر) الذين افتُرض فيهم أن يكونوا حماةً للدين ، وروّاداً لمسيرة الرسالة الإسلامية ، وحفظة لتعاليمها المقدسة ، بحيث يبقى أمر الإسلام منيعاً ، عزيزاً ، قائماً ، صالحاً ، ماضياً ، مستقيماً ، ظاهراً ، منتصراً ، على حد تعبير الأحاديث المتقدمة.
ولا يفوتنا الإشارة في هذا المقام إلى أنَّ ما ذكرناه سابقاً لمعنى الحفظ الواقعي لمبادئ الإسلام وتعاليمه ، وأنَّه لا ينحصر في مسألة استلام السلطة ، وتقلّد مهام الحكم الإسلامي ظاهرياً.
وعند العودة إلى ما ذكرناه آنفا من تفسير الحفظ ، والصيانة ، والمنعة ، والعزّة ، والقيمومة ، والصلاح ، والمضي ، والاستقامة ، والظهور التي ورد ذكرها في روايات (الخلفاء الإثنى عشر) وأنَّه لا ينحصر في مسألة استلام السلطة ، وتقلّد مهام الحكم
______________________
(١) جاء في (روح التشيع) للشيخ (عبدالله نعمة) نقلاً عن مصادر مدرسة الخلفاء المعتبرة : (فإليه أسند مهمة تبليغ سورة (براءة) ليقرأها على أهل مكة في السنة الثامنة للهجرة حين فتح مكة ، وكان صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ أرسل أولاً أبا بكر لأداء نفس المهمة ، فأتبعه بعد ذلك بعلي ، وأمره أن يكون المتولّي لأداء ذلك ، وأمره أن يقوم بها على الناس بمنى ، ويرجع أبا بكر ، وقال له : أذِّن في الناس : أن لا يدخل الجنة كافر ، ولا يحجُّ بعد هذا العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ومن كان له عند رسول الله صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ عهد فهو له إلى مدته ، وأجَّل الناس أربعة أشهر من يوم تنادي ، ليرجع كلّ قوم إلى مأمنهم ، ثمَّ لا عهد لمشرك ولا ذمة ، وحمل عليا على ناقته العضباء.
وقد انصرف أبوبكر وهو كئيب ، فقال لرسول الله صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ : أنَزَلَ فيّ شئ ؟ قال : لا ، ألا إنّي أمرت أن أبلغه أنا أو رجل من أهل بيتي) ، (عبدالله نعمة ، روح التشيع ، ص : ٤٥ ـ ٤٦ ، استنادا إلى (التنبيه والإشراف) ، (المسعودي) ، ص : ٢٣٧ ، و (ينابيع المودة) ، ص : ٨٩ ، و (الطبري) ، ج : ٣ ، ص : ٥٤ ، ومن قوله : وقد انصرف ... إلى قوله : من أهل بيتي ، عن : (خصائص النسائي) ، ص : ٢٠.