وقد جاءَ في بعض ألفاظ حديث (سُنَّة
الخلفاء الراشدين) ما نصه : (فإنّما
المؤمن كالجمل الأنف ، حيثما انقيد انقاد) ١. فهذه الروايةُ الأخيرة تجعلُ المؤمنَ
الذي يُراد له أن يكونَ مستخلفاً على هذهِ الأرض ، ووارثاً لها ، كالجمل الذلول ، الذي لا يملكُ من أمرِه شيئاً ، ولا يجدُ
دونَ الانصياع والانقياد بُدّاً !! وفي اعتقادنا أنَّ هذا مؤشرٌ آخر يؤيدُ
ما ذكرناه من احتمال الوضع في بعض فصول الحديثِ على أقل تقدير ، إذ أنَّ من الاستحالة بمكانٍ أنْ يتفوَّه رسولُ اللهِ (صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ)
بهذا اللون من الأحاديث ، التي تأمرُ بالسمعِ والطاعةِ لكلِّ حاكمٍ وأمير ؛ لأنَّ في ذلك هدماً واضحاً لدعائمِ الدين ، وخلافاً صريحاً لجميع أُسسه
ومبادئه ، وتقويضاً من رأس لمرتكزاته وأركانه ، فكيفَ يمكنُ أنْ توضعَ مقاليدُ الحكم طوعاً
بيد المتجبرينَ الذين كافحت الأديانُ والرسالاتُ السماوية في سبيلِ استئصالهم ، وقلع وجودهم من الجذور ؟ وما معنى إقامة العدل ، والحكم به ، الذي
أمرت الشريعةُ به بشكلٍ صريح ، وحذَّرت من مخالفته ؟ ______________________ ورُويَ في (صحيح مسلم)
عنه (صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) أنَّه قالَ : (يكونُ
بعدي أئمةٌ لا يهتدونَ بهداي ، ولا يستنونَ بسُنتَّي ، وسيقومُ فيهم رجالٌ ، قلوبهُم قلوبُ الشياطين في جثمانِ إنس ،
قال الراوي : كيف أصنعُ يا رسولَ الله إنْ أدركتُ ذلك ؟ قالَ : تَسمعُ وتطيعُ للأمير ، وانْ ضرب ظهرك ، وأخذ
مالك ، فاسمع وأطع) : مسلم ، صحيح مسلم بشرح النووي ، ج : ١٢ ، ص : ٢٣٨. ورُويَ عنه (صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ
وسَلَّمَ) : ورُويَ عنه (صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ)
:
ورُويَ عنه (صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) : (صلّوا خلفَ كلِّ بَرٍّ وفاجر ، وصلّوا على كلِّ بَرٍّ وفاجر ، وجاهدوا مَعَ كلِّ بَرٍّ وفاجر) : علاء الدين الهندي ، كنز العمال ، كنز العمال ، ج : ٦ ، ص : ٥٤ ، ح : ١٤٨١٥.
(١) ابن حنبل ، أحمد ، مسند أحمد بن حنبل ، ج : ٤ ، ح : ١٦٦٩٢ ، ص : ١٢٦.