وما هي فائدةُ الأمرِ بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ وما معنى كلمةِ الحق عندَ سلطانٍ جائر ؟ وما المغزى من حرمة معونة الظالمين ولو بشقِّ كلمة ؟
جاءَ في (الجامع الصحيح) عن رسولِ اللهِ (صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) أنَّه قالَ :
|
(مَن رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فان لم يستطع فبلسانه ، فان لم يستطع فبقلبه وذلك أضعفُ الإيمان) ١. |
وجاءَ في (التاج الجامع للأصول) :
|
(عن طارق بن شهاب رضي الله عنه ، أنَّ رجلاً سأل النبي صَلّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ ، وقد وَضَع رجله في الغرز : أي الجهاد أفضل ؟ قالَ : كلمة حقٍّ عند سلطانٍ جائر) ٢. |
وجاءَ في (كنز العمال) :
|
(أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطانٍ جائر) ٣. |
ومما يثيرُ فيكَ العجب أنَّ نفسَ هؤلاءِ الذين يروون أحاديثَ السمعِ والطاعة للبرِّ والفاجر ، يروونَ أيضاً عن رسولِ اللهِ (صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) ما يناقضُ هذا الأمرَ تماماً ، ويعقِّبُ شرّاحُ الحديث بعد ذلك بقولهم (والله تعالى أعلم) ، ولا يكلِّفونَ أنفسَهم برفعِ هذا التهافت ، الذي أصبح مثاراً للجدال ، وبلاءً على الأجيال.
فلننظر إلى مجموعةٍ من هذهِ الأحاديث ، لنرى أنَّها رُويت في نفس المصادر والكتب السابقة ، ونقفَ على التناقض الفاضح الذي وقعت فيه هذهِ الروايات.
فقد جاءَ في (التاج الجامع للأُصول) عن صحيحي (النسائي) و (الترمذي) :
|
(وعن
كعب بن عجزة رضيَ اللّهُ عنه قالَ : خرجَ علينا رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ ونحنُ تسعةٌ ، فقالَ : إنَّه سيكونُ بعدي |
______________________
(١) ابن مسلم ، الجامع الصحيح ، ج : ١ ، ص : ٥٠ ، وكنز العمال للهندي ، ج : ٣ ، ح : ٥٥٢٤ ، ص : ٦٦.
(٢) ابن مسلم ، الجامع الصحيح ، ج : ١ ، ص : ٥٠ ، وكنز العمال للهندي ، ج : ٣ ، ح : ٥٥٢٤ ، ص : ٦٦.
(٣) المتقي الهندي ، علاء الدين ، كنز العمال ، ج : ٣ ، ح : ٥٥١١ ، ص : ٦٤.