حصل هنا تكرار النوم مع ذكر الجنابة أولا ، كان القضاء لازما.
والقول الثاني ذهب إليه ابن ادريس ، وهو الاقرب ، عملا بأصالة براءة الذمة من وجوب القضاء ، ولان الطهارة انما هي شرط مع الذكر لا مطلقا ، بدليل انه لو نام ناويا للغسل ولم ينتبه الى الصباح ، يصح صومه اتفاقا ، ولو كانت شرطا على الاطلاق لما صح ، والرواية محمولة على الاستحباب ، والقضاء انما وجب في تلك الصورة ، لتكرار النوم مع نية الاغتسال ، فيكون ذاكرا للغسل ومفرطا فيه في كل يوم ، فيلزمه القضاء لتفريطه. ولي في هذه المسألة نظر لا يليق ايراده هنا.
قال رحمهالله : من وجب عليه صوم شهر متتابع غير معين بنذر ، فصام خمسة عشر يوما ثم أفطر ، لم يبطل صومه وبنى عليه. ولو كان قبل ذلك استأنف وألحق به من وجب عليه [ صوم ] شهر في كفارة قتل الخطأ أو الظهار لكونه مملوكا وفيه تردد.
اقول : منشؤه : الالتفات الى فتوى الشيخ رحمهالله ، ولمساواته الشهر المنذور ، ولدلالة مفهوم رواية موسى بن بكر عن الصادق عليهالسلام (١) تارة ، وعن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليهالسلام اخرى قال : قال عليهالسلام في رجل جعل على نفسه صوم شهر ، فصام خمسة عشر يوما ، ثم عرض له أمر ، فقال : جاز له أن يقضي ما بقي عليه ، وان كان أقل من خمسة عشر يوما لم يجز له حتى يصوم شهرا تاما (٢).
قال شيخنا : الجعل قد يكون بالنذر ، وقد يكون بفعل ما يوجب الصوم ، كالظهار وقتل الخطأ. وفي هذا التأويل تعسف ، لان المتبادر الى الذهن انما هو الاول فقط ، والمجاز انما يصار إليه للقرينة ، ولا قرينة هنا.
والنظر الى أصالة وجوب التتابع ، ترك العمل به في الشهر المنذور للنص
__________________
(١) تهذيب الاحكام ٤ / ٢٨٥ ، ح ٣٦.
(٢) تهذيب الاحكام ٤ / ٢٨٥ ، ح ٣٧.