رجل نذر أن يمشي الى بيت الله الحرام ، فمشى هل يجزيه ذلك عن حجة الاسلام؟ قال : نعم. قلت : أرأيت لو حج عن غيره ولم يكن له مال وقد نذر أن يحج ماشيا أيجزي ذلك عن مشيه؟ قال : نعم (١).
والقول الثاني ذهب إليه ابن ادريس ، وهو القول الاخر للشيخ ، وهو الحق.
لنا ـ أن النذر لا بدّ له من متعلق ، وذلك المتعلق ليس الا حجة الاسلام ، اذ لو كان حجة الاسلام لزم تحصيل الحاصل ، والتالي باطل بالضرورة ، فالمقدم مثله.
وبيان الشرطية ظاهر ، اذ وجوب حجة الاسلام سابق على النذر ، واذا ثبت التغاير لم يجز احداهما عن الاخرى ، لان التداخل خلاف الاصل.
لا يقال : لو وجب أن يكون متعلق النذر مغايرا لحجة الاسلام ، لما صح نذرها والتالي باطل اجماعا ، فالمقدم مثله.
لانا نلتزم ذلك ، وأي اجماع دل عليه ، بل انما دل على اجزاء حجة الاسلام مع نذرها ، وذلك لا يدل على صحة النذر ، سلمنا لكن النذر له فائدتان : احداهما ايجاب ما لم يكن واجبا. الثانية ايجاب الكفارة مع ترك الملتزم ، وانما صح نذر حجة الاسلام للفائدة الثانية.
لا يقال : فلم لا تحمله عند الاطلاق على حجة الاسلام بعين ما ذكرتم ، عملا بأصالة البراءة.
لانا نقول : حمله على ما تحصل به الفائدتان أولى من حمله على ما تحصل فيه احداهما فقط ، ولما أمكن ذلك عند الاطلاق صرنا إليه بخلاف التقييد.
وبالجملة فهذا الاعتراض قوي ، والجواز ضعيف ، والرواية سالمة عن المعارض ، فيجب العمل بها.
__________________
(١) تهذيب الاحكام ٥ / ١٣ ، ح ٣٥.