الثاني : ذهب جماعة من علماء التفسير الى أن المراد بالاحصار المذكور في الآية المنع مطلقا ، سواء كان من عدو ، أو مرض ، أو حصول خوف أو هلاك بوجه من الوجوه ، فعلى هذا يسقط احتجاج المتأخر بالكلية. وهذا القول مروي عن ابن عباس.
قال الشيخ في التبيان : وهو المروي في أخبارنا (١).
فيكون حينئذ بين الصد والحصر عموم مطلق ، اذ كل مصدود محصور ، ولا ينعكس كليا ، لصدق المحصور على الممنوع بالمرض من غير صدق المصدود عليه.
قال رحمهالله : ولا بدل لهدي التحلل ، فلو عجز عنه وعن ثمنه بقي على احرامه ، ولو تحلل لم يحل.
اقول : هذه المسألة ذكرها الشيخ في المبسوط (٢) ، وعندي فيها اشكال ، ينشأ : من قوله عليهالسلام « الاستغفار كفارة العاجز » وهذا عاجز ، ولان في البقاء على الاحرام ضررا وحرجا وعسرا ، فيكون منفيا بالآيات الدالة عليه.
لا يقال : العام يخص للدليل ، والتوصل (٣) موجود هنا ، وهو قوله تعالى « وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ » (٤).
لانا نقول : لا دلالة في الآية على أنه لا بدل لهدي التحلل ، بل انما يدل على وجوب تأخر الحلق الى حين بلوغ الهدي محله ، وذلك انما يتحقق في حق من أنفذ الهدي فقط دون غيره فاعرفه.
قال رحمهالله : ولو لم يندفع العدو الا بالقتال ـ الى آخره.
__________________
(١) التبيان ٢ / ١٥٥.
(٢) المبسوط ١ / ٣٣٢.
(٣) كذا.
(٤) سورة البقرة : ١٩٦.