قال رحمهالله : وأما البئر ، فانه ينجس بالتغير بالنجاسة اجماعا ، وهل ينجس بالملاقاة؟ فيه تردد ، والاظهر التنجيس.
أقول : وجه التردد تعارض أدلة الفريقين ، أعني القائلين بالطهارة والقائلين بالتنجيس ، ولنذكر أقوى ما يمسك به كل من الفريقين ليتضح المقصود.
أما القائلون بالنجاسة ، وهم الشيخ فى أحد قوليه ، والشيخ المفيد قدس روحه ، وسلار ، وابن ادريس حيث ادعى الاجماع على ذلك ، فقد احتجوا بروايات :
منها : رواية محمد بن اسماعيل الصحيحة قال : كتبت الى رجل أسأله أن يسأل أبا الحسن الرضا عليهالسلام فى البئر التى تكون فى المنزل ، فيقطر فيها قطرات من بول أو دم ، أو سقط فيها شيء من العذرة كالبعرة أو غيرها ، ما الذي يطهرها حتى يحل الوضوء منها للصلاة؟ فوقع عليهالسلام فى كتابه بخطه : ينزح منها دلاء (١).
وفي معناها رواية علي بن يقطين عن أبي الحسن موسى عليهالسلام (٢).
وأما القائلون بالطهارة ، فقد احتجوا بامور :
الاول : اصالة الطهارة ، وهي دليل قاطع ، فليعمل بها الى حين ظهور المزيل قطعا أو ظاهرا وليس.
الثاني : الاستصحاب ، وتقريره : ان الماء طاهر قبل ورود النجاسة ، فكذا بعده.
الثالث : الروايات المشهورة عن أهل البيت عليهمالسلام واذا تعارض الدليلان تساقطا ، ووجب الرجوع الى مقتضى الاصل ، وهو الطهارة ، والاصل يخرج عنه للدليل وقد بيناه ، وكذا الاستصحاب.
__________________
(١) فروع الكافى ٣ / ٥ ، ح ١.
(٢) تهذيب الاحكام ١ / ٢٣٧ ، ح ١٧.