وأما منشأ التردد ، فالنظر الى اصالة البراءة ، ترك العمل بها في صورة قتل الجماعة المحرمين للصيد ، فيبقى معمولا بها فيما عداها ، فيجب فداء واحد على الجميع.
والالتفات الى مشاركة الجماعة المحلين للمحرمين في العلة ، وهي الاقدام على قتل الصيد المحرم قتله ، فيجب على كل واحد القيمة ، والقولان للشيخ رحمهالله في المبسوط (١) ، لكن الاول أقوى ، وهو الذي قواه للشيخ.
ولو كان بعضهم محرمين والبعض الاخر محلين ، وجب على المحرمين الفداء والقيمة وعلى المحلين في الحرم القيمة : اما قيمة واحدة ، أو على كل واحد قيمة كما بيناه.
قال رحمهالله : وهل يحرم الصيد وهو يؤم الحرم؟ قيل : نعم. وقيل : يكره وهو الاشبه.
أقول : القول الاول ذهب إليه الشيخ رحمهالله ، عملا بالاحتياط ، واستنادا الى النقل.
والقول الثاني ذهب إليه المتأخر اتباعا للصدوق ، وهو الحق ، عملا بالاصل واستنادا الى رواية عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق عليهالسلام في الرجل يرمي الصيد وهو يؤم الحرم ، ويصيبه الرمية ويتحامل حتى يدخل الحرم فيموت فيه ، قال : ليس عليه شيء ، انما هو بمنزلة رجل نصب شبكة في الحل فوقع فيها صيد فاضطرب حتى دخل الحرم فمات فيه ، قلت : هذا قياس ، قال : لا انما شبهت لك شيئا بشيء (٢).
والاحتياط معارض بالاصل ، وتحمل الروايات على الاستحباب ، ومع هذا فهي قابلة للتأويل.
__________________
(١) المبسوط ١ / ٣٤٦.
(٢) تهذيب الاحكام ٥ / ٣٦٠ ، ح ١٦٥.