والابتياع والهبة والاتهاب وما أشبه ذلك ، والدليل عليه وجوه :
الاول : أن السابق الى الفهم من قول القائل « هذا طعام حرام » تحريم أكله ومن قولهم « هذه امرأة حرام » تحريم وطأها ، وسبق المعنى الى الذهن دليل الحقيقة ، فيحمل عليه عند الاطلاق.
الثاني : أن النبي عليهالسلام قال : لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم ، فحملوها وباعوها (١). فدل على أن تحريم الشحم أفاد تحريم جميع أنواع التصرف ، والا لم يتوجه الذم على البيع.
الثالث : المفهوم من قولنا « فلان يملك الدار » قدرته على التصرف فيها بالسكنى والاسكان والبيع. ومن قولنا « يملك » قدرته على التصرف فيها بالوطء والبيع والاستخدام وما شاكل ذلك واذا جاز أن تختلف فائدة الملك باختلاف المضاف إليه ، جاز مثله في التحليل والتحريم.
احتج الكرخي بأن هذه الاعيان غير مقدورة لنا لو كانت معدومة ، اذ لا قدرة لنا على خلق الذوات ، فكيف اذا كانت موجودة؟ لاستحالة تحصيل الحاصل ، فاذن لا يمكن اجراء اللفظ على ظاهره ، فالمراد تحريم فعل من الافعال المتعلقة بتلك الاعيان ، وذلك الفعل غير مذكور. وليس اضمار بعض الافعال أولى من البعض الاخر. فاما أن يضمر الجميع ، وهو باطل ، اذ لا حاجة إليه ، أو لا يضمر شيء ، وهو المطلوب.
والجواب : لا نزاع في عدم امكان اضافة التحريم الى الاعيان ، ولكن قوله « ليس اضمار البعض أولى من البعض » ممنوع ، فان العرف يقتضي اضافة التحريم الى الفعل المطلوب منه.
وانما طولنا الكلام في هذه المسألة ، لكونها من المهمات.
__________________
(١) راجع عوالى اللئالى ١ / ١٨١ و ٢٣٣ و ٣٩٦ و ٢ / ١١٠ و ٢٤٣ و ٣٢٨ و ٣ / ٤٧٢.