قال رحمهالله : لا يجوز للملوك أن يتصرف في نفسه ـ الى قوله : وكذا لو أذن له المالك أن يشتري لنفسه ، وفيه تردد ، لانه يملك وطئ الامة المبتاعة مع سقوط التحليل في حقه.
اقول : اذا أذن المولى لمملوكه في الشراء لنفسه هل يملك بذلك؟ تردد فيه المصنف ، ومنشؤه : النظر الى عموم قوله تعالى « ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ » (١) وقد عرفت فيما مضى أن النكرة في سياق النفي يعم.
وفي الاستدلال بهذه الآية تعسف ، اذ لا يلزم من نفي القدرة على بعض المماليك نفيها عن الجميع ، وهو ظاهر.
ويمكن أن يقال : التمليك حكم شرعي ، فيقف على اذن الشرع ولا أذن هنا ، فلا ملك. واعتذر بعضهم بأن النكرة يعم لعدم مرجح فيخصصها ببعض المماليك دون بعض ، فاما أن يكون عامة للجميع وهو المطلوب ، أو لا يتناول أحدا ، وهو باطل قطعا. وفيه ضعف ظاهرة.
والالتفات الى أنه يستبيح وطئ الامة المأذون له في ابتياعها لنفسه ، ولا شيء من الاسباب المبيحة للوطي موجودة هنا الا التملك ، فيلزم القول به.
أما الاولى ، فلان الاسباب المقتضية للاستباحة العقد ، وهو منتف هنا ، والتحليل ، وهو منتف أيضا ، لافتقاره الى اللفظ الدال عليه ، فلم يبق سوى الملك.
وأما الثانية ، فظاهرة ، لاستحالة وجود الملزوم من حيث هو ملزوم بدون لازمه ولو قيل بالمنع من الوطي أصلا ـ إلا مع صريح الاذن ـ كان وجها ، ولقائل أن يمنع انتفاء التحليل هنا ، اذ الاذن في الشراء مستلزم للاذن في الوطي ، وهذا انما يتأتى على قول من لم يجعل التحليل لفظا معينا.
قال رحمهالله : ويسمع دعوى الراهن لو ادعى المواطاة على الاشهاد ويتوجه
__________________
(١) سورة النحل : ٧٥.