لنا ـ انه مال ناقص عن النصاب ، فلا تجب فيه الزكاة. والمقدمتان ظاهرتان هذا تلخيص كلام المصنف.
وفيه نظر ، فان الشيخ رحمهالله بنى ذلك على مذهبه من ايجاب زكاة الدين على صاحبه ، اذا كان التأخير من جهته ، ولا ريب أن هذا المعنى موجود هنا ، فيثبت الحكم ، لكن هذا قد بينا ضعفه فيما سلف.
قال رحمهالله : وتتعين النية عند الدفع ، ولو نوى بعد الدفع لم أستبعد جوازه.
اقول : عندي في هذه المسألة نظر ، ينشأ : من قوله تعالى « وَما أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ » (١) أمر بايقاع العبادة حالة الاخلاص ، وهو لا يتحقق (٢) الا مع مقارنة النية للدفع.
لا يقال : لو لم يجز تأخير النية عن وقت الدفع ، لما جاز نقل الزكاة المخرجة عن المال الغائب الى غيره مع ظهور تلفه ، والثاني باطل ، فالمقدم مثله والشرطية ظاهرة ، اذ التقدير مع شرط السلامة أنه حال الدفع لم ينو الاخراج الا عن المال الغائب لا غيره.
لانا نقول : بموجبه ، كما هو مذهب الشيخ فى المبسوط (٣) سلمنا لكن الفرق بين الصورتين ظاهر ، فان الظاهر عند الاطلاق التطوع ، فلا يجوز إنشاء النية بعد الدفع.
بخلاف هذه الصورة ، اذ الفقير لم يملك المدفوع زكاة بل قرضا ، اذ المالك انما نواه زكاة بتقدير سلامة المال ، ومع ظهور التلف يبقى مستحقا في يد الفقير
__________________
(١) سورة البينة : ٥.
(٢) فى هامش « س » : لا نسلم ذلك.
(٣) المبسوط ١ / ٢٣٢.