لا يصح نذره.
أما الصغرى فلان المسافر اما أن يقدم ليلا أو نهارا ، ودليل الحصر ظاهر ، فان قدم ليلا لم يلزم الصوم أصلا ، لانه لم يوجد الشرط وهو القدوم نهارا ، وهذا لا خلاف فيه بين العلماء كافة ، وان قدم نهارا لم يلزم الصوم ، لانه حينئذ يكون قد مضى جزء من النهار ، وهو بحكم المفطر ، واذا كان ذلك لم يصح صومه ، لان الصوم لا يتبعض ، لان بعض يوم لا يكون صوما ، وهو اختيار المتأخر أيضا وأحد قولي الشافعي ، واختاره أبو حامد من الجمهور أيضا.
وأما الكبرى فاجماعية ، وذهب الشافعي في القول الثاني الى انعقاد النذر واختاره المزني ، فحينئذ نقول : اما أن يقدم نهارا أو ليلا ، فان قدم ليلا لم يكن الفضاء له ، اذ لم يوجد شرط النذر لكن يستحب. وان قدم نهارا ، فهنا مسائل :
الاول : ورد الخبر بقدومه يوم كذا ، فنوى من ليلة ذلك اليوم أن يصوم غدا عن نذره ، فقدم من غده ، أجزأ صومه ولا قضاء عليه ، لانه قد صامه عن نذره ناويا له من الليل.
الثاني : قدم المسافر والناذر مفطر ، فعليه القضاء ، لانه ما صامه عن نذره.
الثالث : أن يقدم والناذر صائم تطوعا ، فانه يكمل بقية يومه ، ويقضيه اذا لم يثبت منه النذر من الليل. وهذه المسائل ساقطة عنا ، لما بيناه من عدم الانعقاد.
اذا عرفت هذا فنقول : يمكن أن يكون المصنف أشار بقوله « وفيه وجه آخر » الى ما ذكرناه عن الشافعي.
ويحتمل أن يكون أراد بذلك أن المسافر ان قدم قبل الزوال ولم يكن قد تناول الناذر شيئا من المفطرات ، وجب عليه إنشاء نية الصوم عن نذره وأجزأ عنه ، لان وقت نية الصوم يمتد الى الزوال عندنا ، ولهذا يجوز إنشاء النية ما لم يزل الشمس.
هذا في غير صوم رمضان ، فأما صوم رمضان فلا بد من اختصار النية فيه عند أول جزء من الصوم أو نيتها مستمرا علي حكمها.