وأمّا طهوريّته على النحو المذكور بعد البناء على الاشتراط المفروض مع الشكّ في حصوله فممّا لا وجه له أصلا.
نعم ، إنّ ورود الماء المفروض بعد ملاقاة النجاسة عليها قضت أصالة البقاء على الطهارة بطهوريّتها حسب ما ذكر ، ولا يعارضه استصحاب النجاسة في الآخر ؛ لما هو معلوم من أن الحكم باستمراره مغيّى بالعلم بالمزيل بحسب الشرع ، وقد علم ذلك من تطهيره بما علمت طهارته بحكم الشرع.
كيف ولو صحّ تعارض الاستصحابين في المقام لما جاز التطهير بشيء من المياه الّتي يثبت فيها الطهارة بالاستصحاب ، وهو خلاف إجماع المسلمين بل الضرورة من الدين.
فظهر بذلك أنّ قضية الأصل في المقام جريان حكم (١) الكرّ في الماء المفروض بالنسبة إلى الاعتصام عن الانفعال وجريان حكم القليل فيه بالنسبة إلى كيفية التطهير ، لكن لا يبعد أن يقال : إنّه بعد الحكم بطهوريّة الماء المفروض لا بدّ من الحكم بتطهيره لما يلاقيه ، ولو على الوجه المفروض ؛ لصدق اسم الغسل بالماء الطاهر ، وإنّما لا (٢) يطهر بالورود عليه بناء على القول المذكور من جهة انفعال القليل بالملاقاة فيتنجّس به الماء من دون أن يقتضي بالتطهير ، ومع عدم انفعاله في ظاهر الشرع لا وجه لعدم الحكم مع القلّة بطهوريته على الوجه المذكور ، فالأظهر قضاء الأصل في المقامين بالطهارة والطهوريّة ، وهو مفاد الكرّية.
الثاني : إن « الأرطال » في الرواية المتقدمة (٣) الّتي هي الأصل في المسألة محمولة على الأرطال العراقية تقديما لعرف الراوي على المرويّ عنه. والرواية وإن كانت مرسلة إلّا أنّ الظاهر كون الراوي عراقيا ؛ إذ غالب الرواة من أهل العراق ، والمرسل هو ابن أبي عمير ، وعمدة مشايخه من العراقيين.
مضافا إلى أنّ المستفاد من غير واحد من الأخبار اشتهار الأرطال العراقيّة في ذلك
__________________
(١) لم يرد في ( ب ) : « حكم الكرّ .. وجريان ».
(٢) لم ترد في ( ب ) : « لا ».
(٣) وسائل الشيعة ١ / ١٦٧ ، ح ١.