وكيف كان فالوجهان المذكوران لا يصحّحان الاستناد إلى الرواية إلّا مع ظهور الخبر في أحدهما ولا شاهد عليه ، غاية الأمر صحّة حمل الرواية على كلّ منهما (١) ، ومجرّد الاحتمال لا يقضي بصحة الاستدلال.
ومنها : أن يكون المراد بقوله عليهالسلام « إذا كان الماء ثلاثة أشبار ونصفا » ما يشمل طول الماء وعرضه.
فالمقصود أن يكون سعة الماء الشاملة لطوله وعرضه بالغة إلى المقدار المذكور ، ويكون ما في الرواية بيانا لمقدار عمقه.
ومنها : أن يكون اسم « كان » ضمير شأن مستتر فيه ، ويكون قوله « الماء ثلاثة أشبار ونصف » مبتدأ وخبرا ، والجملة خبرا لـ ( كان ).
والمراد به أحد (٢) طرفي الطول والعرض ، وبقوله « في مثله » الطرف الآخر ، والمراد به ضرب أحد الطرفين في الآخر.
ويكون قوله « ثلاثة أشبار ونصف في عمقه » مع تقدير المبتدأ خبرا ثانيا لـ ( كان ) ، وقوله « في عقمه » متعلّقا بعامل مقدر يكون حالا عنه يعني كائنا في عمقه.
ولا يخفى بعد التوجيه المذكور ، وعدم مساعدته لنصف النصف كما في النسخة المشهورة ، فما قيل من أنه مع ما فيه من البعد أحسن التوجيهات في هذا الخبر لفظا ومعنى كما ترى.
وأنت خبير بأنّ ما ذكر من الوجوه إنّما يتمّ في مقام التوجيه لا في معرض الاحتجاج ؛ إذ بمجرّد الاحتمال لا يصح الاستدلال.
نعم ، لو انحصر الأمر من حمل الرواية على أحد الوجوه المذكورة فربّما أمكن الاحتجاج بها بل لا حاجة في تصحيح الاستدلال إلى ملاحظة شيء منها ؛ إذ بعد حمل الرواية على المكعّب يتعيّن البعد الثالث بالمقايسة قطعا وإلّا سقط الكلام عن الإفادة ، والأمر في الزيادة
__________________
(١) في ( ج ) : « منها ».
(٢) في ( ألف ) : « أصل ».