وفي غاية المراد أنّ النزح للبئر مرويّ عن علي عليهالسلام ، وابن عباس ، وأبي سعيد الخدري ، والحسن البصري. وعليه عمل الاماميّة في سائر الأعصار والأمصار.
وحكاية الشهرة عليه مستفيضة في كلماتهم ، حكاه القطيفي في شرح الإرشاد والفاضل الاصبهاني في كشف اللثام (١).
ثانيها : أخبار النزح ؛ وهي في غاية الكثرة والاستفاضة بل متواترة في الجملة.
فإنّ ظواهرها كون النزح لأجل التطهير من جهة ملاقاة النجاسة كما هو الحال في سائر الأوامر المتعلّقة بغسل الثياب والأواني ونحوها بعد ملاقاة النجاسة ؛ فإنّ مفادها تنجّس تلك الأشياء بملاقاة النجاسة وطهرها بذلك حسبما هو المعلوم منها في العرف.
وقد جرى عليهم فهم الفقهاء في تلك المقامات ، فكذا في المقام بل جرى عليه فهم معظم القدماء هنا أيضا كما عرفت.
وذلك من أقوى الشواهد على المقصود ؛ فإنّ فهم الأصحاب وفتواهم من أعظم المؤيّدات بل يجري مجرى الدليل في بعض المقامات.
وحمل تلك الأوامر على الوجوب التعبدي بعيد جدّا بل يمكن القطع بفساده وحملها على الندب خروج عن ظواهرها من غير دليل عليه يكافئها ، بل في ورود النزح في صورة التغيير بالنجاسة وغيرها على نحو واحد أقوى شاهد على كونه في المقامين من قبيل واحد ، والمقصود به مع التغيير هو التطهير فيكون ذلك هو المراد مع عدمه.
ثالثها : الأخبار المستفيضة المشتملة على الصحاح الدالّة عليه بالخصوص :
منها : صحيحة محمّد بن اسماعيل بن بزيع ، قال : كتبت إلى رجل أسأله أن يسأل أبا الحسن الرضا عليهالسلام عن البئر يكون في المنزل للوضوء فيقطر فيها قطرات من بول أو دم أو يسقط فيه شيء من عذرة كالبعرة أو نحوها ، ما الذي يطهّرها حتّى يحلّ الوضوء منها للصلاة؟
فوقّع عليهالسلام في كتابي بخطّه « ينزح منها دلاء » (٢).
__________________
(١) كشف اللثام ١ / ٢٧٨ و ٢٧٩.
(٢) الإستبصار ١ / ٤٤ ، ح (١٢٤) ٢ ؛ تهذيب الأحكام ١ / ٢٤٤ ، ح ٣٦.