وقد ذهب الصدوقان (١) ـ في ظاهر كلامهما ـ إلى التفصيل إلّا أنّ ظاهرهما المنع في الراكد ، وهو ظاهر المفيد في المقنعة (٢) إلّا أنّه وافق الأكثر في كراهته في الجارى.
وقد يرجع قولهم بالمنع في الراكد إلى المشهور.
وظاهر البحار (٣) توقّفه في الكراهة بالنسبة إلى الجاري ، بل ربّما يظهر منه الميل إلى نفيها ، قال : وظاهر كثير من الأخبار عدم الكراهة.
ويضعفه دلالة غير واحد من النصوص على كراهيته بالخصوص كرواية الخصال عن أمير المؤمنين عليهالسلام : « ولا يبولنّ في ماء جار ، فإن فعل ذلك فأصابه شيء فلا يلومنّ إلّا نفسه فإنّ للماء أهلا » (٤).
ومرسلة مسمع : « نهى رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يبول الرجل في الماء الجاري إلّا من ضرورة » (٥).
مضافا إلى تأيّدها بالإطلاقات وإطلاق كثير من الأصحاب ، فيحمل ما عارضهما على إرادة خفّة الكراهة ، بل كثير ممّا عارضهما ليس بصريح في انتفاء الكراهة.
والمراد بالجاري هنا هو الجاري من المادّة أو مطلق النابع على الخلاف أو المقصود مطلق الجريان ، أقواهما الأخير.
فالنابع الواقف ملحق بالراكد ؛ لظواهر الأخبار في المقام.
ولو بال خارجا عن الماء فجرى إليه ففي ثبوت الكراهة وجهان ؛ أقواهما ذلك لظاهر التعليل.
ومنه يجيء احتمال ثبوت الكراهة في صبّ البول في الماء.
__________________
(١) الهداية : ٧٤.
(٢) المقنعة : ٤١.
(٣) بحار الأنوار ٧٧ / ١٦٩.
(٤) الخصال : ٦١٣.
(٥) الإستبصار ١ / ١٣ ، باب البول في الماء الجاري ، ح ٥٢٥.