ملازمة بين الأمرين قصد (١) التقرّب بها يتوقّف على تلك الملازمة (٢) وإن لم يتوقّف عليه الحكم بوجوب أصل الفعل.
ويجري نحوه في الواجبات النفسيّة كما إذا أمر المولى (٣) بإكرام صالح فأكرم صالحا لا من جهة صلاحه لم يكن ممتثلا ، ولا صحّ منه التقرب به إليه وإن اتّصف أصل فعله بالوجوب.
والحاصل فرق بيّن بين امتثال الأمر والاتيان بالواجب ؛ لاختصاص الأوّل بما قصد به الامتثال دون الآخر ، وإنّما يصحّ التقرّب مع حصول الامتثال لا غير. ثمّ إنّ الّذي يظهر من إمعان النظر في الأدلّة أنّ المعتبر في العبادة ليس إلّا القربة وملاحظة جهة الامتثال لا غير ، سواء لوحظ الأمر الخاص بتلك العبادة أو غيرها مع اتّحاد نوع الفعل كما إذا أعاد الحاضرة المؤدّاة فرادى جماعة على وجه الندب ، فانكشف بعدها فساد الأوّل ، فإنّ الأظهر صحّة الصلاة وإجزائها عن الفرض وإن لم يقصد بها الوجوب لعدم اعتبار قصد الوجه ، وقوله تعالى ( وَما أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ ) (٤) لا يدلّ على أزيد من اعتبار قصد القربة الامتثال.
نعم ، ما دلّ على وجوب الاطاعة وربّما يفيد ذلك إلّا أنّه مع ايقاعه متعلّق الأمر (٥) بقاء للأمر ، فلا مصداق إذن للإطاعة والامتثال ، واحتمال تقييد إطلاق الأمر بما دلّ على وجوب الاطاعة ليكون المأمور به خصوص الفعل بقصد الامتثال ( ممّا لا دليل عليه غاية ما يسلّم أن يكون هناك تكليفان فيسقط الثاني بعد الإتيان بالفعل لا بقصد الامتثال ) (٦).
وهذا هو الوجه في عدم وجوب اعادة غير العبادات إذا أدّاها بغير قصد الامتثال ، فاندفع بذلك الايراد الأخير أيضا ؛ للاجتزاء بالوضوء المفروض عن التكليفين وإن لم يكن امتثالا لخصوص كلّ من الأمرين ؛ إذ مجرّد قصد الامتثال الحاصل مع العلم بكونه راجحا عند
__________________
(١) في ( د ) : « فقصد ».
(٢) في ( ب ) و ( د ) : « الملاحظه ».
(٣) زيادة في ( د ) : « عبده ».
(٤) البينة : ٥.
(٥) زيادة في ( د ) : « لا ».
(٦) ما بين الهلالين وردت في ( ب ) و ( د ).