إلى المعنى الأوّل.
ويحتمل على الوجهين حملها على المعنى المذكور ـ أعني العظم الواقع في المفصل ـ وإن كان حمله على ذلك بناء على الوجه الأوّل بعيدا جدّا.
وفيه : أنّ العظم المذكور واقع تحت الساق ، ولا يظهر له نتوّ ظاهر في ظهر القدم. على أنّ ما يدّعي نتوّه فيه إنّما هو جزء منه ، فيكون الكعب هو خصوص الناشز منه ، فلا ينطبق على المعنى المذكور.
وأيضا لو كان كذلك لزم القول بلزوم المسح إليه ولا يظهر قائل به لجواز المسح إلى سائر أجزاء المفصل ممّا يحاذى قبة القدم.
وكأنّ شيخنا البهائي لعدم استظهاره المعنى المذكور من كلام أهل اللغة لم يستند إلى كلماتهم مع كمال مبالغته في انتصار المذهب المذكور.
وكيف كان ، فما استظهره هذا الفاضل من الكتب المذكورة ليس على ما ينبغي.
نعم ، قد حكى الامام في التفسير الكبير (١) والنيشابوري في تفسيره عن الإماميّة وكلّ من قال بالمسح حمل الكعب في الآية الشريفة عليه مؤذنا باتفاقهم عليه. وحكاه الأوّل عن الأصمعي ، قال : وكأن الأصمعي يختار هذا القول ، ويقول : الطرفان النابتان (٢) يسميان المنجمين. وهكذا رواه القفال في تفسيره. انتهى.
ولا يذهب عليك أنّ ما حكيناه عن الشيعة مخالف لما حكاه عنه أجلّة علمائهم ، ولا ريب أنّهم أعلم بمذاهب أصحابهم. مضافا إلى ما عرفت من عبائرهم المحكيّة. وهو أيضا مخالف لما حكاه جماعة منهم عن الشيعة كما تقدّم نقله عن النهاية.
وقال الفيومي (٣) بعد ما حكى عن أبي عمرو بن العلاء والأصمعي وجماعة أنّه العظم الناشز عند ملتقى الساق والقدم ، وعن ابن الأعرابي وغيره أنّه المفصل : وذهب الشيعة إلى أن
__________________
(١) تفسير الرازي ١١ / ١٦٢.
(٢) في ( د ) : « الناتئان ».
(٣) المصباح المنير ٢ / ١٩٥.