الكعب في ظهر القدم. وأنكره أهل اللغة كالأصمعي وغيره.
وهو كالصريح في إسناد المعنى الثاني إلى الشيعة كما ينادي به مقابلته بالمعنيين المذكورين.
وقد حكى أيضا في المغرب والصحاح (١) إنكار الأصمعي كونه في ظهر القدم.
وهو بضميمة ما حكي عنه في التفسير الكبير دالّ على أنّ العظم الواقع تحت الساق ليس في ظهر القدم ، فيكون غرضه الردّ على الشيعة حيث يقولون به إلّا أنّ ما حكاه في المصباح وفائت الجمهرة عنه مخالف لما حكاه الإمام. وبه تهون النسبة المتقدّمة من وجه آخر.
فقد ظهر بما عرفت ضعف ما نقلاه عن الشيعة ، فلا حجّة في نقلها ، ولا تأييد فيه لثبوت المعنى المذكور ، ولا لمعروفيته بين الشيعة. فإسناد جماعة من الأجلّة إليه في كونه مذهبنا معروفا بين الشيعة ليس على ما ينبغي.
ثمّ إنه ذكر الرازي (٢) في بيان احتجاج الإماميّة : إنّ الكعب واقع على العظم المخصوص الموجود ، ومنه الكعب لكلّ ما له ارتفاع في جميع أرجل الحيوانات ، فوجب أن يكون في حقّ الإنسان كذلك.
قلت : ويوهنه ما عرفت من أنّ تسميته كعبا في سائر الحيوانات لا يقتضي أن يدعى كعبا في الإنسان ، مع أنّ الكعب في سائر الحيوانات في المفصل الّذي بين عظم الفخذ والساق ، فينبغي أن يكون في الانسان كذلك ، فالحكم بكون العظم المذكور كعبا تشبيها له بسائر الحيوانات كما ترى.
إذا تقرّر ما ذكرناه فنقول : قد عرفت الاتفاق منّا على عدم إرادة المعنى الأوّل في المقام ، وكذا ضعف كونه حقيقة في أحد المعنيين الأخيرين ، مضافا إلى عدم موافقته للمقام ؛ إذ مع البناء على كلّ منهما يلزم جواز المسح إلى المفصل ممّا يحاذى القبة وغيره.
والظاهر أنّهم لا يقولون به ، بل يخصّصونه بالأوّل.
__________________
(١) الصحاح ١ / ٢١٣.
(٢) تفسير الرازي ١١ / ١٦٢.