وقال أيضا : إنّ أعاظم أهل اللغة نصّوا عليه.
وبملاحظة جميع ما ذكر لا يبقى ريب في ثبوت المعنى المذكور (١) ، وهل هو من معانيه الأصلية أو أنّه مأخوذ من غيره؟ وجهان.
وقد يرجّح الأول بملاحظة الإطلاقات المذكورة إلّا أنّ ظاهر جماعة منهم أخذه من غيره.
قال في التذكرة (٢) : الطهور هو المطهّر لغيره ، وهو فعول بمعنى ما يفعل به أي يتطهّر به.
انتهى.
وقد يستظهر (٣) منه أن تفسيره بالمطهّر (٤) في كلامه ليس من جهة استعماله فيه ، بل لاستفادته (٥) من جهة الآليّة ، فلا يكون ذلك معنى آخر سواه ، وهو خلاف ظاهر الجماعة.
ويمكن حمله على إرادة إثباته (٦) المطهّرية مع قطع النظر عن ثبوت ذلك المعنى له أو أنه أراد بذلك بيان أخذه من معنى الآلة كما هو ظاهر كنز العرفان (٧) حيث قال ـ بعد ما حكينا عنه أوّلا من كونه بمعنى المطهّر ـ : فيكون مأخوذا من وضعه لما يتطهّر به.
وقد يستفاد من ظواهر كلمات جماعة منهم أخذه من معنى المبالغة ، فانتقل منها إلى إرادة المطهريّة بناء على عدم إمكان المبالغة الحقيقيّة بالنسبة إلى الطهارة الشرعيّة ، فنزّل المطهّرية منزلة المبالغة في الطهارة (٨).
__________________
(١) قال في البحار ٧٧ / ٧ بعد نقل عدة أقوال : والحق أن المناقشة في كون الطهور بمعنى المطهر وإن صحت نظرا إلى قياس اللغة لكن تتبع الروايات واستعمالات البلغاء يورث ظنا قويا بأن الطهور في إطلاقاتهم المراد المطهر إما لكونه صفة بهذا المعنى أو اسما لما يتطهر به وعلى التقديرين يثبت المرام.
(٢) تذكرة الفقهاء ١ / ٧.
(٣) في ( د ) : « يظهر ».
(٤) زيادة في ( ج ) : « زائد بمعنى ما يفعل به يتطهّر به انتهى وقد ».
(٥) لم ترد في ( ج ) : « استعماله فيه بل لاستفادته ».
(٦) في ( د ) : « إتيانه ».
(٧) كنز العرفان ١ / ٣٧.
(٨) يفهم ذلك من الشيخ فيما حكاه عنه المجلسي رحمهالله في البحار ٧٧ / ٦ ـ ٧ ، وسننقل كلامه في الهامش.