وقد ظهر بما قلنا أنّه لو زالت الصفات الأصليّة عنه بطاهر أو بطول (١) المكث قدر بقائها على الصفة واعتبر تغييرها بتلك النجاسة ، وذلك وإن كان في الحقيقة نحوا من التقدير لعدم تغيير النجاسة لصفاته (٢) الأصليّة بالفعل إلّا أنّه لا يعدّ تقديرا في العرف بحكمهم (٣) إذن بحصول التغيير واقعا ، وجعلهم ذلك ساترا له على الحس مع عدم ظهوره ، ولذا تراهم لا يحكمون بزوال التغيير قطعا إذا تغيّر بالنجاسة ، ثمّ ورد عليه طاهر فصبغه بلونه وإن كان ذلك في ملاحظة العقل زوالا للصفة السابقة.
والمناط في المسائل المذكورة على متفاهم العرف دون الحقائق العقليّة. كيف ، ويؤتى الحكم على مقتضى حكم الأصل (٤) للعقل (٥) لزم عدم تنجّس الماء في الظلمة الشديدة بما يغيّر لونه من النجاسة بناء (٦) على القول بتبعيّة الألوان للأضواء كما عليه جماعة من المحقّقين ، وهو ضروريّ الفساد.
فليس الحكم بالنجاسة إذن إلّا لحكم (٧) العرف بالتّغيير.
وبذلك يظهر قوّة القول بالنجاسة في الفرع المشهور ، وهو ما إذا وافق الماء صفة النجاسة فامتزجت به بحيث لو لا الموافقة لظهر التغيير كما قطع به جماعة من المتأخّرين.
وكأنّ ذلك مراد من استدلّ له بحصول التغيير في الواقع وإن كان مستورا على الحس ؛ إذ حمله على ظاهره ظاهر الفساد ؛ لعدم انفعال الشيء عن مماثله قطعا وإن كان أضعاف ضعفه (٨).
__________________
(١) في ( د ) : « طول » ، بدلا من : « بطول ».
(٢) في ( د ) : « بصفاته ».
(٣) في ( د ) : « لحكمهم ».
(٤) لم ترد في ( ب ) و ( د ) : « الأصل ».
(٥) في ( ج ) و ( د ) : « ولو بنى الحكم على مقتضى حكم العقل » ، بدل : « ويؤتى الحكم على مقتضى حكم الأصل للعقل ».
(٦) لم ترد في ( ب ) : « بناء ... بالنجاسة ».
(٧) في ( د ) : « بحكم ».
(٨) في ( د ) : « أضعفه ».