يطابق تماماً المنهج الطبيّ بشأن صحة النّاس وسلامتهم ، ولذا فإنَّ النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم كان في تحقيق التكامل المعنوي للبشر كالطبيب الحاذِق الطّاهر القلب على رأس المريض . وفي هذا الصدد يصفه الإِمام علي عليهالسلام بقوله :
« طبيبٌ دوارٌ بطبِّه ، قد أحكمَ مراهمه وأحمى مواسمه ، يصنع ذلك حيث الحاجةِ إليه في قلوبٍ عُميٍ وآذانٍ صُمّ وألسنَةٍ بُكم » (١) .
فيصف النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنه كان طبيباً سيّاراً ، يحمل مَعه في حقيبته المعاجين اللّازمة للتَّضميد والمعالجة ، فإذا وجد قلوباً عمياء ، أو أرواحاً صمّاء ، قام بمعالجتها وأنقذ الناس من الموت المعنوي والإِنهيار الخُلُقي .
للأطبّاء منهجان في معالجة المرض : أحدهما إيجابي ، والآخر سلبي .
فيقولون للمريض في المنهج الإِيجابي : إحتقن بهذه الإِبرة . إستعمل هذا الكبسول ، إشرب من هذا الشراب ملعقةً واحدةً كلّ ثلاث ساعات . أما في الجانب السلبيّ فيقولون للمريض : لا تأكل العنب ، لا تشرب الخلّ . لا تستعمل الأكلات الدسمة ، وهكذا .
والمنهج الديني يشابه المنهج الطبّي تماماً ، فيقول للمسلم من جهة : أقِم الصَّلاة ، أدّ الزَّكاة . ليكن كسبُك حَلالاً ، تزوَّج . . . إلخ . ويقول له من جهة أُخرى : لا تكذبْ ، لا تفحش ، لا تَغتَبْ . . . فالجانب الإِيجابي في الدين يسمى بالواجبات . بينما يُطلق إسم المحرَّمات على الجانب السَّلبي .
وإذا ألقينا نظرةً فاحصةً على المنهج الطبّي ، لوجدنا موضوع الوقاية من العدوى ، وترك القيام ببعض الأمور ( الحمْيَة ) مهمّاً إلى درجة أن المريض لو لم يواظب على التوصيات اللازمة فالمعالجات الإِيجابيّة لا تنفعه أصلاً . إنَّ أحسن عملية جراحية يقوم بها طبيب حاذق يمكن أن تصطدم بمشكلات جمة ـ وقد
____________________
(١) نهج البلاغة شرح محمد عبده ج ١ / ٢٠٦ .