« عن أمير المؤمنين إنه قال لرجل ـ سأله بعد إنصرافه من الشام ـ فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن خروجنا إلى الشام أكان بقضاء وقدر ؟ قال عليهالسلام : نعم يا شيخ ، ما علوتم تلعة ولا هبطتم وادياً إلا بقضاء الله وقدره . . . » .
« فقال الشيخ : عند الله أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين ؟ » أي : فليس لأتعابنا التي تحملناها في سفرنا هذا من أجر عند الله . . . ؟ فيجيب الإِمام عليهالسلام :
« مَه يا شيخ ، فإن الله قد عظم أجركم في مسيركم وأنتم سائرون ، وفي مقامكم وأنتم مقيمون ، وفي إنصرافكم وأنتم منصرفون ، ولم تكونوا في شيء من أموركم مكرهين ولا إليه مضطرين ، لعلك ظننت أنه قضاء حتم وقدر لازم ؟! لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب والعقاب ، ولسقط الوعد والوعيد » (١) .
فنجد الإِمام عليهالسلام في هذا الحديث ينسب جميع الأفعال الإِرادية للبشر إلى القضاء والقدر الإِلهي . ولكنه مع ذلك يقول : إن هذا القضاء لم يكن حتمياً والقدر لم يكن لازماً . وبنفس المضمون ورد حديث آخر عن الإِمام الرضا عليهالسلام يسئل فيه الراوي عن معنى الأمر بين الأمرين فيقول : « فما أمر بين أمرين ؟ فقال : وجود السبيل إلى إتيان ما أمِروا وترك ما نُهوا عنه » (٢) .
وهنا يسأل الراوي : « فقلت له : فهل لله عز وجل مشيّة وإرادة في
____________________
(١) تحف العقول ص ٤٦٨ .
(٢) بحار الأنوار ج ٣ ص ٥ .
(٣) تنقسم المذاهب الإِسلامية بالنسبة إلى موضوع ( حرية الإِرادة عند الإِنسان ) إلى ثلاث فرق : فطائفة ترى أن للإِنسان الحرية الكاملة في إتيان ما يريد وترك ما يشاء وهؤلاء هم ( المفوضة ) حيث يقولون بأن الله فوض إليهم الأمور . وطائفة ثانية ترى أن الإِنسان لا يملك أي حرية في أفعاله بل أفعاله في الحقيقة هي أفعال الله التي خلقها فيه ، وهؤلاء هم ( المجبرة ) حيث يقولون بأن الله أجبرهم على أفعالهم . والطائفة الثالثة تقف موقفاً