ولأجل أن يتضح الموضوع للمستمعين الكرام بصورة أحسن نضرب مثالاً على الإِنتحار . فلو أن شخصاً رمى بنفسه من فوق سطح العمارة إلى الأرض المبلطة بالرخام ، وقال في نفسه : لو كان المقدر لي أن أموت فأني ألاقي حتفي وإن لم أرم بنفسي من فوق السطح ، وإن كان المقدر أن أبقى حياً فإني سأستمر على الحياة وإن رميت نفسي من على السطح . . . ففي ذلك خطأ فظيع . لأن لله تعالى عدة مقدرات جبرية بهذا الشأن ، ومقدر إختياري واحد . أما المقدرات الجبرية فهي عبارة عن :
١ ـ إن القضاء والقدر الإِلهيين قد جعلا الرخام الذي يغطي ساحة هذه القاعة صلباً وقوياً .
٢ ـ خلقت جمجمة الإِنسان بموجب القضاء والقدر من عظم دقيق قابل للتهشم .
٣ ـ القضاء والقدر أكسب الأرض قوة الجاذبية ، حيث تجذب الأجسام التي في الفضاء إليها .
٤ ـ إن القضاء والقدر الإِلهيين يحكمان بأن كل من يرمي بنفسه من مكان شاهق إلى أرض صلبة تتكسر جمجمته ويتلاشي مخه .
٥ ـ القضاء والقدر الإِلهيان يقضيان بموت الإِنسان عند تلاشي مخه هذه هي الأقدار الإِلهية الحتمية والجبرية بالنسبة إلى حادثة الإِنتحار .
٦ ـ القضاء والقدر الإِلهيان يحكمان بأن للإِنسان الإِرادة والاختيار الكاملين ، فله أن يرمي بنفسه من السطح ويموت أو يمتنع عن ذلك فينزل من السلم درجة درجة .
إذن ، يجب أن نقول لذلك الشخص الواقف على السطح
لغرض إلقاء نفسه إلى الأرض : إن القضاء الإِلهي بالنسبة إلى موتك وحياتك يتبع إرادتك واختيارك . فإن اخترت الإِلقاء بالنفس من السطح فالمقدر أن تموت . وإن