فالطفل الذي يولد من أبوين مجنونين يظل مجنوناً مدى الحياة وهذا هو مصيره الحتمي .
هذا المصير الحتمي لا يمكن أن يتبدل بتعاليم الأنبياء الرصينة ، ولا بالوسائل الطبية والتربوية ، فهو مجبر على الجنون ، وهكذا الطفل الذي يولد في رحم الأم أحمقاً بليداً ، ويرث البله والبلادة من أبويه يستمر مدى العمر على ذلك الواضع ، ولن تؤثر الأساليب التربوية فيه .
|
« إن أحوال النمو لا تستطيع أن تحول الطفل الضعيف البليد الشعور ، المشتت العقل ، الجبان ، الخامل ، إلى رجل نشيط أو زعيم قوي شجاع » (١) . |
وبهذا الصدد يقول الإِمام أمير المؤمنين عليهالسلام :
« الحمق داءٌ لا يداوى ومرضُ لا يبرأ » (٢) .
وهكذا فالطفل الذي يولد من أم مصابة بالسل يملك تربة مساعدة لنشوء هذا المرض فيه وقد ورث هذه التربة المساعدة من أُمه . ومع هذا فإن إصابته بالسل ليست قضاءاً حتمياً وقدراً جبرياً . فإن العوامل الصحية الظروف الحياتية الصالحة يمكن أن تضمن له سلامته من المرض . فإذا إنفصل عن أُمه بعد الولادة مباشرة وخضع لمراقبة دقيقة في بيئة صحية فبإمكانه أن يعيش سالماً مدى العمر . أما إذا تربى في حجر أُمه المصابة بالسل وارتضع من لبنها الملوث ، فبالإِمكان أن يصاب بالسل بسهولة .
وكما سبق فإن الحالات النفسية والملكات الصالحة والطالحة للآباء والأمهات تؤثر في الأطفال . وهكذا فالطهارة والرذالة ، والشجاعة والجبن والكرم والبخل ، وغيرها من الصفات المختلفة تكون تربة مساعدة للصلاح أو الفساد في سلوك الطفل . . . ولكن هذه الصفات ليست قدراً حتمياً بل يمكن
____________________
(١) المصدر السابق ص ١٩٧ .
(٢) غرر الحكم ودرر الكلم ص ٧٢ ط إيران .