إصلاح الفاسد بالطرق التربوية الصالحة . . . وعلى العكس تبديل التربة المساعدة للصلاح إلى الفساد بالطريق التربوية الفاسدة .
إن الطفل المتولد من أبوين صالحين يملك تربة مساعدة لنشوء الصفات الخيرة في نفسه ولكن إذا ترك في بيئة فاسدة منذ الصغر ، أو سُلِّم إلى أفراد خبثاء بذيئي الأخلاق فإن النتيجة ستكشف عن فرد فاسد شرير ، لأن الصفات الموروثة والفضائل العائلية لا تستطيع المقاومة أمام قوة التربية (١) .
وعلى العكس من ذلك فإن الأطفال الذين يتولدون من أبوين فاسدين ويملكون التربة المساعدة لنشوء الآثار السيئة في سلوكهم ، لو تركوا في محيط مليء بالصلاح والخير وسلموا إلى مربّين صالحين فمن الممكن أن تختفي تلك الآثار السيئة عنهم وينشأوا أفراداً يتسمون بالفضيلة والإِيمان .
|
« وتؤثر العوامل
السيكولوجية تأثيراً أكبر على الفرد ، فهي التي تكسب حياتنا شكلها العقلي والأدبي . إذ أنها تولد النظام أو التفرق . وهي التي تدفعنا إلى إهمال أنفسنا أو السيطرة عليها ، كما أنها تغيّر شكل تكوين الجسم ووجوه نشاطه بوساطة الدورة الدموية والتغييرات الغددية ، فأن لنظام العقل والإِستعداد الفسيولوجي تأثيراً قاطعاً ليس على حالة الفرد السيكولوجية فقط بل أيضاً على تكوينه العضوي والإِخلاطي ومع أننا لا نعلم إلى أي مدى تستطيع التأثيرات العقلية التي تنشأ من البيئة أن تحسِّن أو تقضي على الميول المستمدة من الأسلاف ، فأنه لا شك في أنها |
____________________
(١) وأصدق شاهد على ذلك قصة ( ابن نوح ) حيث جالس الملحدين وخالط الفسّاد ، فاختفت معالم الفضائل التي ورثها عن أبيه في سلوكه وهكذا اتصف بصفات قرنائه ، وصار ملحداً مثلهم ، وحينما دعاه أبوه إلى أن يركب السفينة لينجو من السيل ولا يصيبه عذاب الله ، أجابه بما يحكي القرآن عنه ( سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ) وبالرغم من أن نوحاً قال له : « إنه لا عاصم اليوم من أمر الله » لم يلتفت إلى كلامه ، وكانت نتيجته الغرق .