طبعها الأول . ولهذا السبب فأنها ترتاح لعملها غير الطبيعي وتستمر عليه .
إن الأنبياء لم يأتوا لأن يحولوا المجانين الوراثيين إلى عقلاء ، أو يجعلوا من البلداء الفطريين نوابغ ، لأن هذا ما لا يمكن أن يحدث . . . لأن الأنبياء يريدون أن يخضعوا البشر إلى مراقبة إيمانية وعملية في خصوص الصفات القابلة للتغير على ضوء التربية الصحيحة ، لإِيصالهم إلى السعادة والكمال الإِنساني .
أما بالنسبة إلى الذين ينتمون إلى أصول عائلية فينمون فيهم قابلياتهم ومواهبهم ويخرجون الفضائل الكامنة من مرحلة الاستعداد إلى مرحلة الفعلية لكيلا ينحرفوا عن الصراط المستقيم مسير حياتهم . ويحفظوا ثروتهم الوراثية العظيمة من الملكات والفضائل ، لكيلا يقعوا في هوة الفساد والجهل والطيش على أثر مصاحبة الفساد والجهل والطائشين.
وأما بالنسبة إلى الذين ورثوا الصفات البذيئة من أبويهم فيعمل الأنبياء على إطفاء الإِستعدادات الكامنة نحو الفساد فيهم بالتربية الصحيحة التدريجية واتخاذ الأساليب الأخلاقية الدقيقة . وبذلك يخرجونهم من طبائعهم الأولى إلى طبائع جديدة حاصلة من إحياء قوى الخير والصلاح في نفوسهم وتكون النتيجة أن يحوز هؤلاء على درجة لا بأس بها من الكمال . . . هذا العمل أمر ممكن في نظر العلم والدين . فما أكثر أُولئك الذين كانوا متصفين بصفات رذيلة ثم زرع الإِسلام في نفوسهم بذور الخير والصلاح واقتلع جذور الشر والفساد ، فوصلوا بفضل التربية الإِسلامية الرصينة إلى أوج السعادة .
|
« لوحدانية الإِنسان
أصل مزدوج . فهي تأتي في وقت واحد من تركيب البويضة التي ينشأ منها وكذلك من تطوره ونموه ومن تاريخه . . . إن الخصائص الوراثية في البويضة ليست إلا ميول أو إمكانيات وهذه الميول تصبح حقيقة أو تظل تقديرية تبعاً للظروف التي تواجهها النطفة ، فالطفل ، ثم المراهق ، أبان نموهم . . . وهكذا يتوقف أصل الإِنسان على الوراثة والنمو معاً . ولكننا لا |