نستنتج من البحوث السابقة : أن أولاد الزنا ليسوا طبيعيين مائة في في المائة . ومما لا شك فيه أن الأشخاص المجرمين قد ورثوا العوامل المساعدة على الإِنحراف من آبائهم . ولكن من الجهة العلمية ليست تلك الإِنحرافات حتمية في نفوسهم ، ولم تسلبهم الإِرادة والإِختيار . وبعبارة أُخرى فإن كون الطفل ابن زنا ليس علة تامة لشاقئه وانحرافه ، فإن ظروف المحيط والعوامل التربوية يمكن أن تعطل العوامل الوراثية وتبدلها بالصفات الحسنة وتهدي صاحبها إلى طريق الخير والصلاح .
والإِسلام ينظر إلى أولاد الزنا من جهة القابلية التربوية بنفس هذه النظرة ويخضعهم للمراقبة التربوية والإِيمانية شأنهم في ذلك شأن الأولاد القانونيين ولذلك فهو يدعوهم كغيرهم إلى التعاليم الخلقية والملكات الطاهرة والإِيمان وعبادة الله ، ويقيدهم بالتكاليف الشرعية فيجازي ولد الزنا على أعماله كما يجازي غيره ويعاقب كما يعاقب ، سواءً بسواء . يقول الإِمام الصادق عليهالسلام : « إن ولد الزنا يُستعمل ، إن عمل خيراً جزي به وإن عمل شراً جزي به » (١) .
يرى البعض أن أولاد الزنا محرومون عن الفيض الإِلهي والرحمة الربانية بسبب كونهم ناشئين من زنا ، وأن عليهم أن يحيوا بشقاء ومصيرهم إلى جهنم بلا ريب . . . لكن هذا ينافي العدل الإِلهي ، فالله تعالى لا يعذب شخصاً بما هو خارج عن إختياره . فإذا أسلم من وُلد من الزنا بإخلاص وعمل بوظائفه الشرعية فإنه يمارس الحقوق التي يحق لكل مسلم أن يتمتع بها في الدنيا ، ويشمله الفيض الإِلهي العظيم في الآخرة .
إن ولد الزنا يمكن أن يصل إلى درجات الكمال كغيره من أفراد المسلمين مع فارق واحد : هو أنه عليه أن يخضع لمراقبة أشد ، كي يتمكن بذلك من
____________________
(١) سفينة البحار مادة ( زنى ) ص ٥٦٠ .