بالرغم من أن الإِنسان يعد أحد الموجودات الحية في العالم ، ويتركب وجوده من سائر العناصر المكونة للموجودات الأُخرى . . . لكنه يمتاز عنها بخصائص ومميزات تفصله عن سائر الأحياء . إن الإنسان يختلف عن الأشجار والأزهار ، وعن الحشرات والحيوانات في جهات متعددة . ومن جملة هذه الفروق : أن الحيوانات لا تحتاج في بلوغها الكمال المحدد لها إلى تعليم وتربية . إن الغرائز الفطرية التي أودعها الله تعالى فيها هي التي ترشدها بانتظام ، وفي جميع مراحل حياتها إلى مطاليبها ، وهي تسلك طريق تكاملها بصورة صحيحة . . . لكن الإِنسان يحتاج إلى التعاليم والتربية فأنه إن لم تكن تربيته مطابقة لأساليب علمية وعملية لا يصل إلى الكمال اللائق به ، ويستحيل أن تظهر إستعداداته الفطرية ومواهبه إلى حيز الخارج .
إن القرآن يحكي لنا قصة موسى وهارون حين توجها بأمر من الله إلى فرعون وقومه ليدعوهم إلى توحيد الله وعبادته ، ومن خلال تلك القصة يسأل فرعون عن الخالق الذي يدعو إليه قائلاً : « فمن ربكما يا موسى ؟! » فيجيبه موسى عليهالسلام : « رَبُّنا الذي : اعطى كل شيء خلقه ثم هدى ! ! ! » .
يتبين لنا من الآية السابقة إن الله تبارك وتعالى قد وهب لكل موجود ما يحتاجه ، وقرر له ما ينبغي له . ومن الواضح أن درجة إحتياج كل موجود إلى شيء ما تختلف . . . فالحيوانات مثلاً يختلف بناؤها الطبيعي ونوع الغذاء ، الذي تحتاجه ، وقد طورها الله على الشكل الملائم لها ، فأعطاها الأعضاء اللازمة لحياتها . أعطى الأسد مخالب قوية لتمزيق اللحوم ومنح الشاة أسناناً حادة لقضم الأعشاب . . . وهب البعض قوة الركض والجري السريع ، وأعطى للبعض الآخر القدرة على الطيران ، خلق في البعوضة الضعيفة خرطوماً للمص ، وجهز الطيور الداجنة بمنقار يختلف تماماً عن منقار الطيور القانصة .
إن أول دليل يقدمه موسى لفرعون على وجود الله
تعالى هو أن : ربي هو