أن نقول : إنه مع غض النظر عن التعاليم
الدينية ، فليس بإمكاننا متاعبة الشهوة والرغبات النفسانية ، وإطلاق العنان للإِرادة النفسية بحرية كاملة . فهناك الموانع العديدة والحواجز القوية التي لا يمكننا أن نخترقها. وعلى سبيل المثال نشير إلى بعض الموانع بنماذج واضحة وأمثلة ساذجة يصادفها كل الأفراد في حياتهم اليوميّة . ١ ـ حمامةٌ جائمة على سطح عمارة ذات أربعة طوابق
من شارع وأنت واقف على سطح تلك العمارة أيضاً . . . الحمامة تحاول الطيران إلى الجانب الآخر من الشارع لتنزل على سطح عمارة مقابلة ، ففي لحظةٍ واحدةٍ تحرّك الحمامة جناحيها وتطير . . . وترغب أنت في ملاحقتها والطيران مثلها ، إلا أن رغبتك هذه تصطدم بمشكلة كبيرة ، هي أنك لا تملك وسائل الطيران ، ولا القدرة على مقاومةِ جاذبيّةِ الأرض ، فالقانون الطبيعي يمنعك من هذا التصميم . فإن لم تعتنِ إلى منع الطبيعة إياك عن الطيران وأردت أن تثور على قانون الطبيعة ، فبمجرد أن ترمي بنفسك من سطح هذه العمارة إلى جهة العمارة الأخرى ـ وقبل أن تبتعد من هذه العمارة بمقدار متر واحد ـ فإن جاذبيّة الأرض تسحبك إليها بأتم الخشونة والقوة وتريك جزاء تخلفك هذا . . . وتطرحك على الأرض في الوقت الذي يتحطم فيه رأسك ويتلاشى مخك ، وتنهي بحياتك وهي تنطق بلسانٍ فصيح يعبر عن القانون الكوني العام : هذا جزاء المذنب والمتخلف عن السنن الكونية . يتساوى جميع الناس في هذا الأمر : المؤمن والكافر
، الصائم والمفطر ، الشيوعي والرأسمالي . فالعقلاء لأجل أن لا يتخلفوا عن قوانين الطبيعة ينزلون ستين درجة من سلالم العمارة ، ثم يصعدون في سلالم العمارة المقابلة حتى يصلوا إلى سطحها ، فيثبتون ـ عملياً ـ إطاعتهم للقانون الكوني العام . والطفل يرغب في القيام بالفعاليات والحركات الحرة
بفطرته يحب أن جزاء التخلف عن القوانين :