|
بل مخدرة فقط » (١) . |
إن الحيوانات والحشرات تسير بأحسن ما يكون من الانتظام في طريق حياتها وتكاملها ـ في كنف الهداية الفطرية ـ ولا تحتاج في ذلك إلى التربية والتعليم .
أما البشر فإن جانباً من مناهجه الحياتية وقوانينه التكاملية تدار بواسطة الهداية الفطرية من قبل الله تعالى ، وفي ذلك يشبه الحيوانات والحشرات في أنه لا يحتاج إلى مرشد ومعلم . فالمعدة في هضمها للطعام ، والكبد في تصفية الغذاء وتحويله إلى دم ، يعرفان واجباتهما على أكمل وجه ولا يحتاجان في ذلك إلى من يرشدهما ويهديهما . وكذا مبيض المرأة فأنه يعمل بصورة تلقائية على صنع بيضة واحدة في كل شهر . وكذلك الرحم في صنع الجنين ، وغدد الثديين في صنع الحليب للطفل . فكل هذه الأعضاء قد تلقت دروسها في مدرسة الخلقة والإِبداع .
والإِنسان لا يحتاج في إحساسه بالجوع والعطش والتعب والرغبة في النوم وإدراك البلوغ والرغبة الجنسية إلى دراسة ومدرسة ، إذ أنه يدرك هذه الحقائق بصورة فطرية . لكن الأطفال يحتاجون إلى المربي والمعلم في موردين : الأول في صفات مشتركة بين الإِنسان والحيوان والثاني من خواص الإِنسان . وسنضرب لكل منهما بعض الأمثلة الموجزة .
أما الموارد التي يشترك فيها الإِنسان مع سائر الحيوانات ، فهي أن الحيوانات تعرف أعداءها وتهرب منها بلا حاجة إلى دراسة وتلقين ، ولكن الإِنسان يعرف أعداءه عن طريق التعلم والتجربة . الحيوانات تعرف مقدار حاجتها إلى الطعام من ناحية الكم والكيف ، وتعرف كيفية تربية أطفالها وتغذيتهم أيضاً بلا حاجة إلى معلم ، ولكن الإِنسان عرف إحتياجاته الغذائية
____________________
(١) آخرين تحول ص ٧٤ .