لأحدث النظريات العلمية . . . وبصورة موجزة : نرى أن العلم قد أخذ طريقه إلى جميع مظاهر الحياة ، مضيئاً ـ كالشمس ـ كل مكان ، ومنظماً وسائل الراحة المادية والرفاه في العيش .
. . . ولكن هذه الانتصارات التي أحرزها الإِنسان في مختلف الميادين لم تقدر على إيجاد التضامن الفكري والارتياح الروحي للبشر ، بل نجد الأمر على عكس ذلك ، فبنفس النسبة التي تتقدم فيها المدنية وتهيء وسائل جلب اللذة والشهوات للبشر نجد أن إضطرابه وانزجاره ، شقاءه وبؤسه يزداد . إن الأمراض الروحية والعصبية والاختلالات العقلية والجنون أضحت مثل سحب سوداء وخطيرة قد سيطرت على أفق الدول المتمدنة بصورة فظيعة مخيفة .
|
« لقد كتبت الجرائد الرسمية الأمريكية ، في مطلع هذا العام أن في العام الماضي بلغ مصروف الأقراص المنومة والمهدئة للأعصاب ، والخاصة للأمراض الروحية المستعملة في أمريكا مائتي مليون دولار . هذا الرقم الهائل إنما هو للأدوية المستعملة في حالات ضعف الأعصاب والقلق الفكري ، أما الأقراص المسكنة للأوجاع أمثال الأسبرين فأنها تشمل مبالغ طائلة أُخرى من ميزانية الدولة » (١) . |
إن الدول العظمىٰ في العالم تعمل على استئصال جذور الأمراض المختلفة بمختلف الوسائل العلمية والتطبيقية ، لتخلص شعوبها من شر التيفوئيد والهيضة والملاريا ونحوها . ولكنها بدلاً عن ذلك قد ملأت المستشفيات بالمصابين بالأمراض الروحية والعقلية ، وتزيد من عددهم الهائل يوماً بعد يوم .
|
« ومن العجيب أن الأمراض
العقلية أكثر عدداً من جميع الأمراض الأُخرى مجتمعة . ولهذا فإن مستشفيات المجاذيب تعج بنزلائها |
____________________
(١) جريدة (إطلاعات) الإِيرانية العدد ١٠١٦٣ .