|
الرياضيات والطبيعة والكيمياء . وسوف تبدو وسائل التعليم الراهنة سخيفة . وسيسأل علماء الصحة عن السبب الذي يحدوهم إلى الإِهتمام فقط بمنع الأمراض العضوية دون الأمراض العقلية والاضطرابات العصبية ، كما سيسألون عما يجعلهم لا يبذلون إهتماماً بالصحة الروحية ولماذا يعزلون المرضى بالأمراض المعدية ، ولا يعزلون أولئك الذين ينشرون الأمراض العقلية والأدبية ، ولماذا يعتبرون العادات المتولدة عن الأمراض العضوية عادات ضارة دون العادات التي قد تؤدي إلى الفساد والإِجرام والجنون ؟ ! » (١) . |
إن الإِنسان عبارة عن الجسد والروح ، والمادة والمعنى . فالتربية الصحيحة والتامة عبارة عن إحياء جميع الميول المادية والمعنوية ، والمربي القدير هو الذي يلاحظ التوازن بين مطاليب الجسد ومطاليب الروح . فكما يعتني بسلامة جسد الطفل ، يجب أن يعتني بسلامة نفسه أيضاً . فيحاول أن يبذر في نفسه بذور الفضيلة والإِيمان من أولى أدوار حياته ليتربى تربية طاهرة صحيحة .
فكثير من العوارض النفسية والمآسي التي تؤدي إلى الأمراض الروحية والعقلية ، وقد تجر إلى الجنون أو الإِنتحار أحياناً . . إنما هي معلومة للإِنحطاط الخلقي والإِنحراف عن السجايا الإِنسانية . ومن المؤمل أن نبحث ـ بتوفيق من الله ـ في قسم منها في المحاضرات القادمة .
قلنا : إن الأساس الثاني لبحثنا في هذه المحاضرة هو أن المربي القدير يجب أن يسعى لدحر الميول المنحرفة والصفات البذيئة التي ورثها الطفل من أبويه ( كتربة مساعدة ) ، فيعمل على قمعها وإخفاء آثارها ، ويزرع مكانها ، البذور الصالحة للسلوك المفضل . فبعض الأطفال قد ورثوا الجبن ، البخل ،
____________________
(١) الإِنسان ذلك المجهول ص ٢١٤ ـ ٢١٦ .