الكسل ، الخسة ونحوها من الصفات من أبويهم ، وهذه الصفات ليست من قبيل القضاء الحتمي والمصير القطعي الذي لا يقبل التغيير ـ كما سبق آنفاً ـ بل بإمكان التربية الناجحة والبيئة الصالحة أن تبعد الطفل عن المفاسد ، وترشده إلى طريق الفضيلة والطهارة .
كانت الجزيرة العربية قبل الإِسلام مصابة بأنواع الإِنحرافات الروحية والخلقية طيلة قرون متمادية ، حيث الرذائل متأصلة في جذور ذلك المجتمع كالخيانة والسرقة ، والعصبية والإِفساد ، والجبن والحمق ، وما أشبه ذلك . ومن البديهي أن أطفالهم يتولدون مع إستعدادات للسلوك غير المرضي مضافاً إلى أن البيئة الفاسدة كانت تساعد على نمو تلك الصفات الرذيلة وظهور الإِستعدادات الفاسدة إلى عالم التنفيذ .
. . . ومع ذلك فإن الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم عمل بفضل أساليبه التربوية الصالحة وتعاليمه الدينية العظيمة على قمع الصفات الرذيلة في نفوس أولئك الذين خضعوا لتربيته ، وزرع مكانها الصفات الحميدة والملكات الفاضلة .
يروي لنا التاريخ قصة الجيش البسيط الذي قدم به أبرهة من الحبشة إلى مكة لهدم بيت الله الحرام . ورأينا كيف أن أهالي مكة الجبناء خرجوا منها من فرط خوفهم ووحشتهم ولجأوا إلى سفوح الجبال ، ولم يجرأوا على المقاومة يوماً واحداً . ولكن الأساليب التربوية الدقيقة للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم غيرت أسلوب حياتهم تماماً . . . فنفس أولئك الناس الذين كانوا ضعفاء قبل مجيء الإِسلام ، أظهروا من الشجاعة والإِقدام والشهامة في ظل إرشادات النبي وفي كنف مدرسته التربوية العظيمة حيث صمدوا لأقوى دول العالم آنذاك ، واستطاعوا من أن يخوضوا أعظم الحروب ويفتحوا البلدان العظيمة ويرجعوا إلى أوطانهم فاتحين غانمين . . . وهكذا شأن جميع الصفات الرذيلة فقد إختفت من نفوسهم بفضل تعاليم الإِسلام وحلت محلها الصفات الحميدة والسجايا الخلقية الفاضلة .