الإِنسان في وصوله إلى السعادة والكمال ومع ذلك فهي مذمومة ومهجورة عند بعض الأمم . وإذا كان العقل وحده كافياً في معرفة الحقائق وأراءة طريق السعادة والشقاء لما كانت هناك حاجة لإِرسال الأنبياء لهداية البشر وتكليف الناس بإطاعتهم (١) .
يقول الإِمام موسى بن جعفر عليهالسلام لهشام بن الحكم ضمن حديث طويل « يا هشام ، إن لله على الناس حجتين : حجة ظاهرة وحجة باطنة . فأما الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة ، وأما الباطنة فالعقول . . . » (٢) .
إن عدم نضج العقل البشري طوال القرون المتمادية هو الذي سبب إختلاف الناس في كيفية تعيين مناهج حياتهم ومعرفة طريق سعادتهم . وقد تؤدي هذه الإِختلافات إلى مطاحنات ومشاحنات عظيمة . ومفاسد لا تجبر .
والعالم المتحضر ـ بالرغم من النجاحات العلمية والعملية الباهرة التي أحرزها ـ لم يكن بعيداً عن هذا البؤس ، فهو لا يزال يحترق في نار الاختلافات العقيدية وبذلك يعرض السلام العالمي والأمن العام إلى أعظم الأخطار في كل آن . ومن أبسط الأمثلة على ذلك أننا نرى اليوم أن الشيوعية قد صارت سبباً في أعظم وأخطر الانشقاقات الفكرية ، فهناك الملايين من العقلاء والمثقفين والجامعيين يعتقدون بأن طريق السعادة الإِنسانية منحصر في تطبق النظام الشيوعي ، وأنه إذا قدر لهذا النظام أن يسود العالم يوماً وتطبقه جميع الأمم والقوميات في العالم فإن البشرية ستصل إلى أوج عظمتها ، وستضمن لها سعادتها وكمالها اللائق بها . وللوصول إلى هذا الهدف يجب السعي بكل جهد لإِزالة الموانع ـ الواحدة بعد الأُخرى ـ وكذلك يجب العمل لبث الفكرة بمختلف وسائل الدعاية والإِعلان ، فلربما يشمل هذا الفيض العظيم العالم كله ، وتكون
____________________
(١) للتفصيل في هذا الموضوع يراجع فصل ( ما حاجتنا إلى الأنبياء مع وجود العقل ؟ ! ) من كتاب ( دفاع عن العقيدة ) للمترجم .
(٢) الكافي لثقة الإِسلام الكليني ج ١ ص ١٦ ، ط طهران .