فالجري وراء الميول النفسية التي تخالف القوانين الكونية والصحية والإِجتماعية ممنوع في القانون الإِسلامي . والجانب الأكبر من الذنوب في الإِسلام عبارة عن تنفيذ هذه الرغبات اللامشروعة .
يعتبر الانتحار بجميع صوره ذنباً في الإِسلام ، سواء كان برمي الإِنسان نفسه من شاهق ، أو الإِلقاء في الماء ، أو شرب السم ، أو غير ذلك . وكذا الإِضرار بالنفس والالقاء باليد إلى التهلكة يعتبر ذنباً ، والصوم الواجب إن كان مضراً بصحة الإِنسان فلا يسقط وجوبه فقط بل يعتبر محرماً . وهكذا الذنوب الإِجتماعية والإِخلال بالأمن والنظام والتجاوز على أموال الآخرين ونفوسهم وأعراضهم . . . وبصورة موجزة فإن كل الميول المنافية لسعادة المجتمع ممنوعة ، وارتكابها يعد ذنباً وإجراماً .
وهنا لا بد من الانتباه إلى نكتة مهمة ، وهي أن الذنب ـ بغض النظر عن الأخطار التي يتضمنها في الإِخلال بالنظام العام الاضرار بالمصالح الفردية والإِجتماعية ـ هو أهم عوامل إنحطاط البشرية وتقهقرها . فالمذنبون ليسوا متمتعين بالمزايا الإِنسانية الشريفة والكمالات المعنوية ، فإن ظلمة الذنب تصير حجاباً يخفي نورانية القلب وصفاء الباطن ، والمجرم قبل أن يلحق الضرر بالمجتمع أو بنفسه ، يعمل على إنهيار شخصيته ويكبت الروح الخيرة في أعماقه . فعلى من يرغب في الفضائل الإِنسانية ويحب الكمال والتعالي الروحي أن ينزه نفسه عن ظلمة الذنب والإِجرام .
يقول الإِمام علي عليهالسلام : « مَن أحب المكارم إجتنب المحارم » (١) . وفي حديث آخر عنه عليهالسلام : « من ترك الشهوات كان حراً » (٢) .
إن الإِسلام يخطو خطوة أوسع في هذا المجال ، ويقول بأن الإِنسان
____________________
(١) الإِرشاد للشيخ المفيد ص ١٤١ .
(٢) بحار الأنوار للشيخ المجلسي ج ١٧ / ٦٧ .