عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) (١) .
هذا الصراط المستقيم هو الذي شرعه الله في الكون ، وكل الدواب تسير على هذا الطريق السوي . . . والطريق الذي شرعه نبي الإِسلام العظيم هو صراط الله المستقيم أيضاً ، فلله هداية فطرية وهداية تشريعية ، وكلتاهما تمثلان الصراط المستقيم في هذا الكون ، مع فارق بسيط هو أن الحيوانات لا تملك إختياراً في سلوكها طريق الهداية الفطرية ، بينما البشر حر في إتباع الهداية الشريعية وعدم إتباعها : ( وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ) (٢) .
إن القرآن يقوم بنصيحة بني الإِنسان الأحرار في سلوك طريق السعادة ويخاطبهم بقوله : إن هذا هو صراطي المستقيم فاسلكوه ولا تتفرقوا في السبل التي تبعدكم عن جادة الحق وطريق الفطرة فتقعون في التيه .
إن للإِنسان والحيوان كليهما صراطاً مستقيماً في طريق تكاملهما الصراط المستقيم الذي يسلكه الحيوان تكويني ، والصراط المستقيم الذي يسلكه الإِنسان تشريعي . وكلا الطريقين معينان من قبل الله تعالى .
والفرق بينهما أن الحيوان مجبر في سلوكه طريقه التكويني ولكن الإِنسان مختار في ذلك . ( وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ) (٣) .
في هذه الآية نجد أن الله تعالى يعبّر عن الهداية الغريزية للنحلة بالوحي . إن هذه الحشرة الصغيرة تلقت برنامج عملها عن طريق الوحي الإِلهي وفي مقام التنفيذ نجدها مجبرة على إتباع الإِلهام الإِلهي خطوة أثر خطوة دون أي تخلف .
____________________
(١) سورة هود ؛ الآية : ٥٦ .
(١) سورة الأنعام ؛ الآية : ١٥٣ .
(٢) سورة النحل ؛ الآية : ٦٨ .