كتابه فقال : ( فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ، أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ) (١) .
إن الحرية المطلقة والاختيار الكامل الذي لا يحده شرط أو قيد إنما يختصان بذات الله فقط : ( كَذَٰلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ) (٢) .
لقد أراد الله للحيوانات عند خلقها أن تكون فاقدة للإِرادة والاختيار وأن تطبق مراسيم الهداية التكوينية بدون أي اعتراض ، لكنه تعلقت إرادته في مورد خاص أن يخلق موجوداً مالكاً للإِرادة والاختيار ، ويمنحه شيئاً من الحرية والقدرة . . . فخلق الإِنسان ووهبه العقل ، وأبصره بطريق السعادة والشقاء ، وأعطاه الحرية في مقام العمل ، حتى يستطيع الذهاب إلى أي إتجاه أراد باختياره .
وهب أن بنية الإِنسان تتكون من نفس العناصر الأولية لهذا العالم وبالرغم من أنه يشترك مع عالم النبات والحيوان في صفات طبيعية كثيرة ولكنه يمتاز عنها بميزة تجعله لائقاً لتحمل مسؤولية الحرية والإِختيار . ففي الإِنسان توجد ثروة خاصة . وكنز إلهي دفين ، وشعلة نيرة ، وروح سماوية تجعله يرتقي على جميع الموجودات في الطبيعة .
يتحدث الله تعالى في القرآن الكريم للملائكة عن إرادته لخلق الإِنسان فيقول : ( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي ، فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) (٣) .
نعم هذه روح الله تعالى . . . فمتى تمت تسوية بناء هيكل الإِنسان ونفخ الله تعالى فيه من روحه وجب على الملائكة أن يسجدوا له . إن تسوية الهيكل ليست مختصة بالإِنسان ، بل هي موجودة في جميع الموجودات . إن الله تعالى
____________________
(١) الكافي ج ١ص ١٣ .
(٢) سورة آل عمران ؛ الآية : ٤٠ .
(٣) سورة الحجر ؛ الآية : ٢٩ .