يقول في خلق السماء : ( رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا ) (١) . وبالنسبة إلى نبات الأرض يقول : ( وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ ) (٢) .
إذن : فالشيء الذي يختص به الإِنسان ، ويسبب له العظمة والرقي والكمال هو الحقيقة المجهولة التي يعبّر الله تعالى عنها بروحه .
« عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر عن قول الله عز وجل : ( وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي ) قال : روح إختاره وإصطفاه وخلقه وأضافه إلى نفسه ، وفضله على جميع الأوامر فأمر فنفخ منه في آدم » (٣) .
« عن أبي بصير عن أبي جعفر في قول الله عز وجل : « ونفخت فيه من روحي قال : من قدرتي » (٤) . فنجد الإِمام الباقر عليهالسلام يعبّر عن روح الله في هذا الحديث بالقدرة الإِلهية .
لقد منح الإِنسان شيئاً من قدرته ومشيته المطلقة ، وبعد خلق آدم ظهرت أولى مظاهر القدرة والإِختيار والحرية في توجه الأمر والنهي إليه من قبل الله .
( وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا ، وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ) (٥) .
الأمر والنهي ، كل ولا تأكل ، إفعل ولاتفعل . . . كل ذلك يمكن تصوره في فرض الاختيار والإِرادة فقط . وإنما يقال للرجل ظالماً حيث يملك الحرية في العمل ويخرج على القانون بإرادته .
____________________
(١) سورة النازعات ؛ الآية ٢٨ .
(٢) سورة الحجر ؛ الآية ١٩ .
(٣) تفسير البرهان ص ٥٥٧ .
(٤) تفسير البرهان ص ٥٥٨ .
(٥) سورة البقرة ؛ الآية : ٣٥ .