أكثر المصلين في صلاتهم . . . ( بحول الله وقوته أقوم وأقعد ) .
إذن فالنقطة الثانية التي يختلف فيها العقل عن الغريزة هي أن أوامر الغريزة تنفّذ بصورة جبرية ، بينما نجد أن الإِنسان حر في الإِنقياد إلى أوامر العقل .
٣ ـ هناك فرق كبير بين الغرائز والعقل ، وهو أن عدد الغرائز محدود وللتكامل الناشيء من الغرائز حد ثابت لا تتجاوزه ولكن الإِنسان يستطيع التدرج في مراتب الكمال ـ بفضل عقله وحريته ـ بدون أن يحد ترقيه حد معين ، وكلما يتقدم يجد مجال التقدم والتكامل أمامه مفتوحاً . ولهذا السبب فإن المجتمع الإِنساني كان ولا يزال يخطو الخطوات الواسعة في مجال التقدم في ظل عقله وتفكيره ، مبتكراً في كل فن آلاف التحولات والتطورات في شؤون الحياة المختلفة . أما الحيوانات السجينة في قلعة الغرائز فأنها باقية في نفس الحد الذي كانت عليه قبل عشرات القرون ولم ترفع خطوة واحدة في سبيل الترقي والتكامل الجديد .
وبالرغم من أن الحيوانات مصونة من التعرض للإِنحراف
والخطأ بفضل غرائزها ، لكن الإِنسان معرض للخطأ والاشتباه مرة بعد أُخرى ، وهب أن الغرائز توجد أشد التنظيم وأدقه في حياة الحيوانات ، ولكن الإِنسان لم يصل ـ لحد الآن ـ إلى تنظيم حياته الاجتماعية والعقلية بشكل متشابه لما هو موجود في غرائزه . . . بالرغم من هذا كله فأن قيمة العقل لا يمكن أن تقاس مع الغريزة . إن الآلة الحاسبة تجيب على العمليات الحسابية بسرعه وانتظام وليس في مقدور أحد من بني الإِنسان أن يحل المسائل بتلك السعة والسرعة ، ولكن لا تستطيع الآلة الحاسبة أن تتعدي العمليات المحدودة الخاصة بها ، وكذللك الغرائز الحيوانية فشأنها شأن الآلة الحاسبة في السرعة والمحدودية. إن ميزة العقل البشري على الغرائز الحيوانية هي بقدر ميزة عقل المهندس المخترع للآلة الحاسبة على الآلة نفسها ، إن النتائج الحاصلة من الآلة الحاسبة ليست ناشئة من الفكر والتدبر ،