هناك بعض الحيوانات مثل الخيل والكلاب والقردة تملك شيئاً من الذكاء . ويمكن إخضاعها للتربية إلى درجة ما . والمربي يستطيع أن يعلمها قسطاً من الصفات . ولكن العقل الذي هو منشأ الترقي والتكامل العلمي ورصيد التفكير يختص بالإِنسان . ولهذا السبب فأن التربية مؤثرة إلى درجة ما في الحيوانات الراقية . مما لا شك فيه أنه لا يمكن تربية الحصان بشكل يستطيع معه يوماً أن يشترك في المؤتمر الأعلىٰ للبحوث الذرية في الجامعة ويتحدث عن كيفية تحطيم النواة المركزية للذرة . والكلب مهما تربى بصورة فائقة فأنه لا يستطيع أن يبحث عن سرطان الدم وأساليب علاجه . فالحيوان مهما كان راقياً وذكياً يحذو حذو غريزته في الحياة دائماً ولا يملك أدنىٰ قدرة على التخلف عن الهداية التكوينية له .
|
« بالرغم من كون الغريزة عند الحيوانات الراقية كالقرود والفيلة والكلاب محاطة بهالة من الذكاء فإن الغريزة هي الحاكمة والمسيطرة في الأفعال الحيوية الرئيسية لها » (١) . |
يقول الإِمام الصادق عليهالسلام في حديثه إلى المفضل : « تأمل خلق القرد وشبهه بالإِنسان في كثير من أعضائه أعني الرأس والوجه والمنكبين والصدر وكذلك أحشاؤه شبيهة أيضاً بأحشاء الإِنسان ، وخص مع ذلك بالذهن والفطنة التي بها يفهم عن سائسه ما يومىء إليه . . . أن يكون عبرة للإِنسان في نفسه ، فيعلم أنه من طينة البهائم وسنخها . إذ كان يقرب من خلقها هذا القرب . ولولا فضله الله بها في الذهن والعقل والمنطق كان كبعض البهائم . والفصل الفاصل بينه وبين الإِنسان بالصحة هو : النقص في العقل والذهن والنطق » (٢) .
نعود فنقول إن الفرق الثالث بين العقل والغريزة هو أن الإِنسان يواصل سيره التكاملي في ظل العقل والتفكير ، بينما الحيوان محصور في قلعة الغرائز
____________________
(١) راه ورسم زندگى ص ٢٨ .
(٢) بحار الأنوار للمجلسي ج ٢ ص ٣٠١ .