لكي يصل الإِنسان إلى الكمال الإِنساني ، عليه أن يفكر ، يحيي عقله ، يتدبر في آثار خلق الله . . . ويصل عن هذا الطريق إلى أوج الرقي المقرر له .
* * *
نستنتج مما سبق : إن دليل الحيوان في حياته هو الغريزة ، ودليل الإِنسان هو العقل ، الكمال الناشيء من الغريزة ثابت دائماً ويسير على وتيرة واحدة . أما العقل فأنه يقود الإِنسان إلى كمالات وترقيات جديدة . الغرائز لا تحتاج إلى التعهد والتربية وتظهر لوحدها ، أما العقل فيجب أن يصل إلى مرحلة الفعلية عن طريق التربية الصحيحة .
يجب علينا أن لا نغفل حقيقة مهمة : وهي أن سعادة الإِنسان ليست مرتبطة بتكامل عقله فقط فهناك ثروة أُخرى في كمين الإِنسان بالإِضافة إلى العقل ألا وهو العاطفة . إن ما لا شك فيه هو أن الشعور العاطفي يجب أن تراقب رعايته بالصورة الصحيحة شأنه في ذلك شأن العقل . فالعقل والعاطفة يجب أن يسيرا في طريق الكمال المنشود كتفاً لكتف . وفي ظل هاتين القوتين العظيمتين يستطيع الإِنسان أن ينال مقامه اللائق به .
ومع أننا سنتطرق بالتفصيل إلى البحث عن العواطف وقيمة المشاعر في المراحل التربوية وجميع شؤون الحياة في البحوث القادمة ، لكننا هنا نذيّل بحثنا عن العقل ببعض الجمل عن العاطفة وأهميتها بصورة موجزة .
يلعب العقل دور الدليل المرشد في ضمان سعادة الإِنسان
، ولكن الطاقة المحركة له هي العواطف والمشاعر . العقل في الحياة يشبه العدل في كونه ضرورياً للمجتمع . ولكن العقل والعدل كليهما أمران صارمان لا يملكان مرونة وحناناً . أما اللحام الذي يربط بين أجزاء المجتمع ويوجد الأخاء والحب بينها فهو العاطفة . لقد ورد ذكر العدل والإِحسان معاً في القرآن الكريم ، فهو يأمر