بهما معاً : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ) (١) .
والمجتمع يحتاج في تحديد حقوق الأفراد ، وتعيينها إلى العدل ، ولكن بالعاطفة والإِحسان يروي ظمأ المجتمع من الحب والحنان ، إن غذاء العقل هو العلم ، وغذاء العواطف هو الأخلاق والفضيلة . ومما لا شك فيه أن العقل هو أساس السعادة الإِنسانية ، ولكن الإِنسان يبحث عن محبوب آخر يمنحه الطاقة الحرارية ويسبب له الحيوية والنشاط والرفاه ، ذلك هو العاطفة . إن جميع التضحيات ، ومظاهر الأيثار ، الحب والحنان ، الشفقة والمساعدة الحب والوفاء . . . كل ذلك ينبع من المشاعر العاطفية .
« لايوجد أحد يضحي بنفسه في سبيل الحقيقة العلمية تماماً . إن الجدران المرتفعة على أساس الجهل والتماهل والكسل لا تتحطم بالمنطق أبداً . إن ما يدفع الإِنسان إلى العمل هو العقيدة لا المنطق . إن العقل لا يستطيع أن يمنحنا قوة الحياة طبقاً لطبيعة الأشياء ، إنه يرشدنا إلى الطريق فقط ولا يدفعنا إلى الأمام أبداً . نحن لا نقدر على التغلب على العوائق التي في طريقنا ما لم تنبعث من أعماقنا موجة من العواطف ، والحب فقط هو الذي يستطيع تهديم الحواجز العالية الضخمة التي تخفي خلفها إثرتنا وأنانيتنا ، ويشعل فينا لهيب الشوق والعشق ويجرنا بأسارير مفتحة إلى طريق التضحية المؤلم . إن مطالعة كتاب في الحقوق لا يبعث فينا الشوق والرغبة » (١) .
وكما يسعى الإِنسان في سبيل إحياء مواهبه الفكرية ، وإدراك الحقائق العلمية ويحرز تقدماً جديداً في كل يوم . . . عليه أن يسعى في سبيل تزكية نفسه وتطهيرها أيضاً . يحيي بذلك إنسانيته ، ويرضي عواطفه النبيلة بالفضائل
____________________
(١) سورة النحل ؛ الآية : ٩٠ .
(٢) راه ورسم زندگى ص ١١٣ .