إن تعهد العقل والعاطفة بالتربية والتنمية ، والذي هو أساس سعادة الإِنسان يجب أن يبدأ من مرحلة الطفولة . فمرحلة الطفولة أحسن مراحل تعلم الأسلوب الصحيح في الحياة . فقدرة الإِقتباس والتقليد وحاسة التقبل عند الطفل شديدة ، فباستطاعته أن يتلقى جميع حركات المربي وسكناته ، وأقواله وأفعاله بدقة عجيبة أشبه بعدسة تصوير . وفي الوقت الذي يتكامل جسد الطفل وينمو يجب أن تسلك روحه في طريق التعالي والتكامل أيضاً وكما يعتني بسلامة جسد الطفل يجب أن يعتني بسلامة مشاعره ومعنوياته . يجب تعويد الطفل على النظافة ، الأدب ، الصدق ، المسؤولية ، العطف ، حب الخير ، وعشرات الصفات الفاضلة الأخرى فمن الصعوبة بمكان تغيير سلوك الأشخاص الذين لم يتعودوا في أيام طفولتهم على السلوك التربوي الصحيح . إن أسعد الناس هم أولئك الذين نشأوا على التربية السليمة والصفات العالية منذ حداثة السن حتى أصبحت جزء من كيانهم ، بحيث تظهر عليهم في الكبر دون أيما تكلف أو تصنع .
وهكذا يلعب الآباء والأمهات دوراً مهماً في بناء سعادة الأطفال ويتحملون مسؤولية كبيرة على عواتقهم . وفي الواقع أن المدرسة الأولى للتربية هي حجر الأم .
|
« من الصعوبة لفرد بالغ أن يقلع من نفسه جذور التربية الروحية والخلقية والفكرية الفاسدة . فالعادات البذيئة لا تقلع جذورها . إن الذين تعودوا منذ الصغر على إطاعة قوانين الحياة هم وحدهم الذين يستطيعون أن يسلكوا طريقاً صحيحاً . هذا هو واجب الأبوين ، فعليهما القيام به خصوصاً في الأعوام الأولى من عمر الطفل . وإذا كانا يجهلان الأساليب الفنية التربوية ـ الجسدية منها والروحية ـ والتي تختلف بحسب العمر والجنس والبيئة ، فلا يستطيعان القيام بهذه المهمة . فالأم بصورة خاصة محتاجة إلى هذه المعلومات » . |